وكنفه «الموطّأ»«١» للطلبة يغنيهم عن معاهد «عبد الوهاب» ؛ وعزيمته لا يلحق غبارها في المعارك، ولا يظنّ خدّام العلوم الشرعية والأدبية إلا أمّ مالك وابن مالك.
فلذلك رسم بالأمر الشريف- لا زال يجمع لمن برع في العلوم من ألوان المناصب المختلفة، ويرفع قدر القوم الذين قلوبهم على التقوى مؤتلفة- أن يستقرّ المشار إليه في وظيفة التّصدير بالجامع الأمويّ بدمشق المحروسة- عمره الله تعالى بذكره- عوضا عن فلان بحكم نزوله عن برضاه، حملا على ما بيده من النّزول الشّرعيّ، بالمعلوم الّذي يشهد به ديوان الوقف المبرور، على أجمل عادة، وصرفه إليه مهنّأ ميسّرا أسوة أمثاله.
فليباشر هذه الوظيفة على عادة مباشراته الّتي حفّت بالعلوم، وافتخرت بحسن المنطوق الدّالّ على المعنى المفهوم، ويمدّ موائد علمه المحتوية على أنواع الفضائل، وليبيّن ما يخفى على الطلبة بأوضح الدلائل، وليؤدّ الفوائد الواصلة إلى الأذهان على أحسن أسلوب، وليقرّر الأصول الّتي امتدّت فروعها بقواعد السّنة المحمّدية وفي ثمرها الجنيّ تقوية القلوب، وليكرم منهم من يضح فضله لديه ويبين، وليبسط هممهم بقوله صلّى الله عليه وسلم:«من يرد الله به خيرا يفقّهه في الدّين» ، وليوضّح طريق إرشاده ليسهل سلوكها عليهم، وليجعل وفود فوائده في كلّ وقت واصلة إليهم، وليتّبع «إمام دار الهجرة» في مذهبه المذهب، وليخلّد من صفاته الجميلة ما يذهب الزّمان ولا يذهب، وليسمح للفقهاء بمواصلة فضله الأعم، فإنّه أن يهدى به واحد خير من حمر النّعم.
والوصيا كثيرة ومنه يطلب بيانها، وبه تقوى أسبابها ويعلو بنيانها؛ ولكن الذّكرى تنفع المؤمنين، ويظهر [بها] سرّ خبرهم ويستبين؛ وتقوى الله تعالى هي