الحاجب» يرفعه على عينه، و «الرّازيّ» يدّخر كسبه لوفاء دينه، و «ابن بطّة» يطير من مواقع سهامه، و «مقاتل» مجروح بحدّ كلامه، و «ابن قدامة» متأخّر عن مجاراته، و «الأثرم» يخرس عند سماع عباراته.
فلذلك رسم بالأمر العالي- لا زال يجمع لمن برع في العلوم من ألوان المناصب المختلفة، ويرفع قدر القوم الذين قلوبهم على التّقوى مؤتلفة- أن يستمرّ الجناب الكريم المشار إليه بالمدرسة الخاتونية البرّانية الحنفيّة، حملا على ما بيده من النّزول الشّرعيّ والولاية الشرعية: لأنّه الخلاصة الّتي صفت من الأقذار، والعدّة ليوم الجدال إذا ولّى غيره الأدبار، والمختار الّذي جنحت المناصب السّنيّة إلى اختياره دون من سواه، رغبة فيما ادّخره من الفضائل وحواه؛ «بدايته»«نهاية الطلاب» ، وعلومه «تحفة الأصحاب» ؛ إن حدّث «فابن معن» بصحّة نقله يحيا، أو فسّر «فمجاهد» عن مجاراته يعيا، و «الزّمخشريّ» يبعد عن الجوار، و «البغويّ» يبتغي الوقوف على الآثار، و «سيبويه» عندما ينحو يقصد «التسهيل» من لفظه المغرب المعرب، و «ابن عصفور» يكاد يطير طربا لما يبديه من «المرقص المطرب» ، و «أبو يوسف» أصبح بصحبته منصورا، و «محمد بن الحسن» أضحى برفعته مسرورا؛ هو في القدر «عليّ» وفي الطريقة «محمود» وفي العلوم «محمد» ، وفي النطق الحركة «سعيد» وفي النظر «أسعد» ، وفي النّضارة «النعمان» و «طاووس» يتحلّى جزءا من كمال خصاله، و «الحسن» يقتدي بحسن فعاله؛ نشأ في العفّة والصّيانة، وكفله التوفيق وزانته الأمانة؛ فهو بحر العلوم، ومستخلص درّها المكنون ومظهر سرّها المكتوم؛ لو رآه «الإمام» لقاس علاه بالشّمس المنيرة، ولو عاصر الأصحاب لغدت أعينهم به قريرة.
فليباشر هاتين الوظيفتين اللّتين اكتستا به بعد نور الشّمس جلالا، وليلق علومه الّتي يقول القائل عند سماعها: هكذا هكذا وإلّا فلا لا، وليعلّم الطّلبة إذا أدهشتهم كثرة علومه أنّ فوق كلّ ذي علم عليم، وليتكرّم عليهم بكثرة الإفادة فإنّ عليّا هو الكريم، وليفق في مباشرة النّظر كلّ مثيل ونظير، ولا ينّبئك مثل