فليباشر تدريس هذه المدرسة المباركة: حقيقا بجلوس صدرها، خليقا بتجديد شرفها وذكرها، مظهرا للخبايا النّكت في زواياها، جديرا بأن يكون في خفايا المسائل ابن جلاها وطلّاع ثناياها، يملأ ببيان بحوثه فكر الواعي وسمعه، ويشير ببنان قلم فتياه ما يتجدّد له من رفعة، ويبسط إدلال الطّلبة حتّى يأكلوا في القصّاعية معه في القصعة؛ والله تعالى يسرّه من مدارس الحنفيّة بهذه البداية، ويقرّه بما يتجدّد من وظائفها التالية: وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ
«١» بمنّه وكرمه!.
وهذه نسخة توقيع بتدريس المدرسة الطّرخانية، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للقاضي جمال الدين «يوسف الحنفيّ» بنزول من والده؛ وهي:
رسم بالأمر الشريف- لا زالت مواطن العلم مكمّلة بذكره، مبجّلة بأمره، مؤهّلة لكلّ يوسفيّ الجمال يذكّر عزيز شامه عزيز مصره- أن يستقرّ فلان في كذا، بحكم ما قرّره مجلس الحكم العزيز الشافعيّ، ونعم المالك لمذهب شافع، واتبّاعا لما حرّره الجناب الشريف التّقويّ ذو النّسب الصّحابيّ الّذي كلّ أمر لأمره تابع، وعملا بما رآه رأيه الكريم الّذي إذا كان الجمال شافعا كان هو للجمال شافع، وإذا أنشأ من أبناء العلماء فروعا [لا]«٢» تميل عليهم الأيام ميلة، وإذا وقفت في طريقهم الأنداد قال اقتصار نسبه الأنصاريّ: يأبى الله ذاك وبنو قيلة «٣» ، وقبولا لنزول هذا الوالد الّذي أعرقت في آفاق العلم مطالعه، وإقبالا على هذا الولد الّذي نجحت في استحقاق التّقديم مطامعه، وعلما بنجابة هذا الفاضل الّذي طاب أصلا وفرعا، وقدّم نفسه ووالده وترا وشفعا، وهذا البادي الشّبيبة الّذي يأمر بفضائله على الشّيب وينهى، وهذا الواضح الدّلالة على مفاخر قومه: فحبّذا الدّعوى وبيّنتها منها، وهذا النّجيب الّذي قدمه أبوه منجبا، وذكاؤه