ونقل لا عقلت ألسنتها بعد مستحقّيها ولا انتقلت- من أضاءت مشكاتها النّوريّة بمصابيح كلمه، وفتّحت كمائمها النّوريّة عن زهرات الهدى بقطرات قلمه، وتذكرت بأوقاته الأخيرة عهود أهلها من هداة الاسلام وأوقات ذي سلمه.
ولمّا كان فلان هو المقصود بخلاصة هذا المعنى، والممدود إليه نظر هذا الوصف الأسنى، والعالم الّذي تشبث بأسباب محاسنه بلد «الهرمين» ، والسابق وإن خلا وقته الطاهر خلف وقت «إمام الحرمين» ؛ كم اجتنى ثمر الفوائد من أصل وفرع!، وكم بات قلمه من ورق فتاويه وإسكات مناويه بين وصل وقطع!؛ كم صدق برق بديهته الأفكار حين شامت!، وكم نبّهت عند ليالي المشكلات «عمر»«١» ثم نامت!، وكم تهادت نظره كتب العلم حتّى قال «كتاب الأمّ»«٢» : نعم الولد النّجيب، وقال «كتاب الروضة» : نعم أخو الغائث الصّائب على رياض القول المصيب، وقال «الشامل» من فضله: هذا لطلبته «نهاية المطلب» ، وقال «التنبيه» على محاسنه: ليت «النّابغة» رآه فدرى أيّ الرّجال «المهذّب»«٣» ، وكانت المدرسة الشّهيدية النّوريّة بحمص المحروسة قد شهدت مع من شهد بفضله، وسعدت بنبله، ووسمت بعلم علمه، وسمت سموّ الشهباء: هذه بمقرّ تدريسه وهذه بمجلس حكمه؛ ثم زار دمشق زورة