المتظافر، والصلاة والسلام الأتمّين الأكملين على سيدنا محمد الّذي أضاء برسالته الوجود، وخصّه الله تعالى بالصّفات الفائقة والمآثر الحسنة والجود، وعلى آله وصحبه الذين حرسوا الملّة الحنيفيّة من جهادهم بأمنع سور، وأوهنوا جانب الكفر وأنقذوا الأسير وجبروا المكسور، صلاة دائمة مدى الأيّام والشّهور، معلية للأولياء علم النّصر المنشور- فإنّ أولى من عدقنا به المناصب السّنيّة، وفوّضنا إليه جليل الوظائف الدّينيّة، ونطنا به فكّ رقبة المسلم من أسره، وخلاصه من عدوّه الّذي لا يرثي لمسكنته ولا يرقّ لكسره، وأجرينا قلمه ببذل الفداء، وجعلنا مداده درياقا «١» لمرض الأسر الّذي يعدل ألف داء، وأقمناه للعاني من شرك الشّرك منقذا، وللدافع في بيداء العدا بحسن إعانته منجدا، وللأسوار الممنّعة بجميل نظره متفقّدا- من أضحى فضله ظاهرا، وجلاله باهرا، وخلاله موصوفة بالمحاسن أوّلا وآخرا.
وكان فلان هو الّذي بهرت مآثره الأبصار وملأت الأسماع، وانعقدت على تفرّده في عصره بالمفاخر كلمة الإجماع، وسارت الرّكبان بذكره الّذي طاب وجوده الّذي شاع، وصفت سريرته، فأضحى جميل الإعلان، وحمدت سفارته، فكانت عاقبة كلّ صعب ببركتها أن لان.
فلذلك رسم بالأمر العاليّ- لا زال يولي جميلا، ويولّي في الوظائف جليلا- أن يستقرّ المشار إليه في وظيفتي نظر الأسرى والأسوار بدمشق المحروسة، على أجمل عادة، وأكمل قاعدة، بالمعلوم الشاهد به ديوان الوقف المبرور إلى آخر وقت: وضعا للشيء في محله، وتفويضا لجميل النّظر إلى أهله.
فليباشر ذلك مباشرة تسرّ النفوس، وتزيد بها الغلال وتزكو بها الغروس، وليجر أحوال الوقف المبرور على مقتضى شرط الواقف والشّرع الشريف،