«١» ، ونشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله الّذي أضاءت الأكوان من نور هديه فاهتدت به أصحاب المعارف المسلّمون لموجدهم الأمر والإرادة، ومن هو روح الوجود الّذي أحيا كلّ موجود وسلّك طريق سنّته الموصّلة إلى عالم الغيب والشّهادة، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين صفت قلوبهم من الأكدار وإلى التّقوى سبقوا، وصدقوا في المحبّة فاستحقوا ثناء مولاهم: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا
«٢» ؛ فمنهم من شمّت من فيه رائحة كبد مشويّة من خشية الله، ومنهم من حدّث بما شاهده ببصره وبصيرته على البعد ورآه، ومنهم من أحيا ليله واستحيت منه ملائكة السماء، ومنهم من اتّخذه أخا إذ هو باب مدينة العلم وركن العلماء، صلاة دائمة تطيّب أوقات المحبّين، وتطرب بسماعها قلوب المتّقين أهل اليقين؛ وسلّم تسليما.
أمّا بعد، فإنّ أولى من قدّمناه إلى أهل الصلاح، ورفعناه إلى محلّ القرب وروح الأرواح، وحكّمناه على أهل الخير، ومكّنّاه في حزب الله الّذي غلب لمّا اجتهدوا على إخراج حزب الشّيطان من قلوبهم وزحفوا على قراره بجيش التّقوى وسمتهم الزّهد وحسن السّير، وولّيناه أجلّ المناصب الّذي تجتمع فيه قلوب الأولياء على الطّاعة، وأحللناه أرفع المراتب الّذي خطبه منهم خيار الجمع لجلوة عروس الجمال في الخلوة بعقد ميثاق سنّة المحبّة وشهادة قلوب الجماعة- من جمّله صورة ومعنى، وافتخر به أحاد ومثنى، وباشره على أحسن الوجوه، وبلّغ كلّا من مريديه وطلبته من فضائله وفضله ما يؤمّله ويرجوه، ومدّ موائد علومه المحتوية على أنواع الفضائل المغذّية للقلوب، وجلس في حلل الرّضا فكسا القوم الذين لا يشقى بهم الجليس ملابس التّقوى المطهرة من العيوب،