والوصايا كثيرة وإليه مرجوعها، ومن بحار علمه ودينه المتين ينبوعها؛ والله تعالى يؤيّد به المناصب، ويرفع بعلوّ رتبته المراتب.
نسخة توقيع بخطابة جامع، كتب به لقاضي القضاة «كمال الدين عمر» ابن قاضي القضاة جمال الدين إبراهيم «١» بن أبي جرادة الحنفيّ، الشهير بابن العديم ب «المقرّ الشريف» وهي:
رسم بالأمر الشريف- لا زالت عنايته ترقّي في منازل المجد من تتأثّل بفضله بهجة وكمالا، وتذلّل جيادها لفرسان الفضائل فتجيد لهم في ميدان البلاغة مجالا، وتسلّم رايتها [إلى من صدق بارق سعده، ووهب من العلم]«٢» ملكا لا ينبغي لأحد من بعده- أن يستقرّ...... لأنّه الإمام الّذي [لو]«٣» تقدّم عصره لكان أحد أئمة الاجتهاد، والعارف الّذي بلغ بولايته مريد الفضل غاية المراد، والعالم الّذي وجدت أخبار علومه نسبة يطابقها في الخارج صالح العمل، واتبع سنن الكتاب والسّنّة فلم يتخلّل طريقته المثلى خلل، والمحقّق الذي وجد إلى كنه الحقيقة أكمل مجاز، والمفوّه الّذي بلغ من البلاغة في كلام البشر حدّ الإعجاز؛ إن خطب شنّف بدرر مواعظه الأسماع، وشرّف بغرر فرائده الأسجاع، واهتزّت أعواد المنابر طربا لكلمه الطّيّب، وروّى أوام «٤» القلوب سحّ فضله الصّيّب، وإن قرأ في محرابه أقرّ بفضله الجمع الجامع، واستقلّ «ابن كثير» حين وجد «الكسائيّ» عاريا مما لديه وفضله الجمّ أكمل «نافع» :
خطيب إذا الصّادي تصدّى لفضله: ... ليروى، فأنواء العلوم تغيثه!
وإن يرو للجلّاس أخبار أحمد، ... فخير جليس لا يملّ حديثه!