الدين «عليّ الصّرخديّ» الشافعيّ، نائب الحكم العزيز بحلب ب «المقرّ العالي» ؛ وهي:
رسم بالأمر- لا زالت صدقاته تمنح دروس العلم الشريف بعلّي العلوم، وتندب لها من ذوي الاجتهاد من ساير بهممه البرق وسائر النّجوم، وتقرّر للطّلبة من أولى العناية من حقّق الفضائل واطّلع على سرّها المكتوم، وتدير عليهم من مشرب فوائده ما يخال أنّه الرّحيق المختوم- أن يستقرّ فلان......... استقرارا تقرّ به أعين الطّلّاب، وتلمح من صوب فضله عين الصّواب، ويشيّد به دارس الدروس، ويطلع به في سماء الفضائل أنور شموس، وتنشر به أعلام العلوم من طيّ الألسنة، ويذهب من كلّ الطّلبة في تحصيل العلم الشريف وسنه، لأنّه الحبر الّذي شهدت بفضله الأسفار، ورحلت إلى فوائده الجمّة السّفّار، والبحر الّذي جرت سفن الأذهان به فلم تدرك غاية قراره، وعجزت الأمثال عن خوض تيّاره، والعالم الّذي أقرّ بعلمه الأعلام، وشهدت بإحكام أحكامه الأحكام؛ ما برز في موطن بحث إلّا وبرّز على الأقران، ولا جاراه مجتهد إلّا وكانا كفرسي رهان، ولا نطق بمنطق إلّا وأنتجت مقدّمات هممه العليّة واجتهاده على فضله أكمل برهان، ولا أجرى جياد علومه إلى غاية إلّا مطلقة العنان، ولا رآه من أخبر عن فضله إلّا تمثل له: ليس الخبر كالعيان؛ إن تصدّر للفوائد التقطت الأسماع درّ علمه النفيس، وإن درّس تخال الطّلبة أنّه «ابن إدريس» ؛ فهو طود فضل لا يسامى علّوا ورفعة، ولا ينوي مناو أته مناويء ولو كان «ابن رفعة» :
إمام غدا للسّالكين مسلّكا، ... عليم، وكم أولى الفضائل من ولي!
علا فأسال البحر من فيض علمه! ... وذلك سيل جاء بالفضل من علي!
فليباشر هذا التّدريس المبارك مباشرة يثبت بها فوائده، وينثر بها فرائده، ويطرب الطّلّاب بطريف العلم وتالده، ويجمع لهم من صلة الفضل وعائده،