المنيفة، تنتظم من أعمال البرّ ضروبا لا تحصر، وتعصم من مواقعة ما يشنأ «١» وينكر، وتحظي من الخيرات العميمة الجسمية بالقسم الأوفى الأوفر؛ قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ
«٢» ونحن لا نوسع تاركها بحال عذرا، ولا نؤخّر له عقابا وزجرا، ولا نزال نجبره على إقامتها قسرا، وإذا استمرّ التعهّد لها مع الأحيان، وعمل الناس بما جدّدناه من إجراء التذكير بها بين القرابة والصّحابة والجيران، وتواصوا بالمحافظة عليها حسب الإمكان، لم تزل بيوت أذن الله تعالى أن ترفع ويذكر فيها اسمه معمورة بتلاوة القرآن، ولم تنفكّ إلا للإقامة عن الأذان.
ومما يزيد هذه الوظيفة تأكيدا، ويوفّي قواعدها تشييدا، درس كتاب الصلاة والطهارة حتّى يستكملوه وعيا وحفظا، ويؤدّوا مضمّنه لفظا، فلفظا، ففي ذلك من الإشراف على أحكام العبادتين ما تبين مزيّته وفضله، ولا يسمع المؤمن بحال جهله؛ ثم إذا أحكموه انتقلوا إلى درس كتاب الجهاد، وعمروا الآناء بتعرّف ما أعدّ الله للمجاهدين من الخير المستفاد؛ فالجهاد في سبيل الله فرض على الأعيان، وقد تأكّد تعيّنه لهذه البلاد المجاورة لعبدة الأصنام والصّلبان، ونرجو أن ينجز الله ما وعد به من الفتح القريب لأهل الإيمان؛ وليطلبوا الناس بعرض ما يتدارسون تثبيتا لمحفوظاتهم «٣» ، واستزادة لقسمهم من الأجر وحظوظهم.
ومن مقدّمات الجهاد، وأقوى أسباب الاعتداد، تعلّم الرّماية التي ورد الحضّ عليها، وندب الشرع إليها. قال عليه السّلام في قوله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ
«٤»«ألا إنّ القوّة الرّمي» ، قالها ثلاثا: فأظفروا الناس بتعلمهم، ولترتّبوهم طبقات على قدر إجادتهم وتقدّمهم، قال عليه السّلام: «من