معروف تجدب منه أرجاء الرجاء إلا واستهلّت عليه آلاؤنا من صوب برّنا المألوف لآلي ودقه «١» نحمده على نعمه التي عمّت الرّعايا بتوالي الإحسان إليهم، وأنامتهم في مهاد الأمن بما وضعت عنهم مسامحتنا من إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، وأنالتهم ما لم تطمح آمالهم إليه: من رفع الطّلب عن بواقي أموال أخّروها وراء ظهورهم وكانت كالأعمال المقدّمة بين يديهم.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تبعث على نشر رحمته، التي وسعت كلّ شيء في عباده، وتحثّ على بثّ نعمته، التي غمرت كلّ حيّ على اجتماعه وسعت إلى كل حيّ على انفراده، وتحضّ على ما ألهمنا من رأفة بمن قابله بتوحيده وشدّة على من جاهره بعناده.
ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الذي أسكت ألسنة الشرك وأخرسها، وعفّى معالم العدوان وطمسها، وأثّل قواعد الدين على أركان الهدى وأسّسها، وأوضح سبل الخيرات لسالكها فإذا سعدت بالملوك رعاياها فإنما أسعدت الملوك بذلك في نفس الأمر أنفسها، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين شفعوا العدل بالإحسان، وجمعوا بين ملك الدنيا والآخرة بإحياء السّنن الحسان، وزرعوا الجهاد بالإيمان في كل قلب فأثمر بالتوحيد من كلّ لسان، صلاة جامعة أشتات المراد، سامعة نداء أربابها يوم يقوم الأشهاد، قامعة أرباب الشكّ فيها والإلحاد، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإننا لما آتانا الله من ملك الإسلام، وخصّنا به من الحكم العامّ، في أمة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وأيّدنا به من النصر على أعداء دينه، وأمدّنا به من تأبيد تأييده ودوام تمكينه، وجعل دولتنا مركزا مدار ملك الأمة الإسلامية عليه، وفلكا مآل أمور الأمّة المحمدية في سائر الممالك على اختلافها