ينسى به الذّنب فكأنّه كان برقا أومض ولمح وراح- أن يكون المشار إليه طرخانا يقيم حيث شاء وأين أراد من البلاد الإسلامية المحروسة معاملا بمزيد الإكرام والاحترام، وأوفر العناية والرّعاية حسب ما اقتضته المراسيم الشريفة في ذلك عند ما شملته الصدقات العميمة والمراحم الشاملة بالعفو الشريف، والحكم المنيف، والإقبال والرّضا، والصّفح عمّا مضى، لما رأيناه من ترفيه خاطره، وقرار قلبه برفع التكليف عنه وقرّة ناظره، ولما تخلّقت به أخلاقنا، من التيمّن الذي ألبسه أثواب الأمان، وجبلت عليه طباعنا، من الرأفة والرحمة والراحمون يرحمهم الرحمن، ولما مهّده له عندنا اعترافه الذي هو له في الحقيقة أقوى شفاعة، ولما تحقّقناه من أنه لم يفعل ذلك إلا لوفور الطاعة التي أوجبت له الإرهاب إذ الهرب من الملوك طاعة، وكيف لا وقد تيقّن سخطنا الشريف وعلم، وخشي مهابتنا الشريفة ومن خاف سلم.
فليتقلّد عقود هذه المنن التي طوّقت جيده بالجود، وليشكر مواقع هذا الحلم الذي سرّ وسار كالمثل السائر في الوجود، وليقابل هذا الإقبال بالدعاء لأيّامنا الزاهرة، وليحظ بمواهبنا العميمة وصدقاتنا الباهرة، وليحط علما بأنّ إحساننا العميم قد أعاد إليه ما ألفه من الإسعاد والإصعاد، وأنّ صفحنا الشريف قد أضرب عمّا مضى والماضي لا يعاد؛ فليقم حيث شاء من البلاد المحروسة، متفيّئا ظلال مواهبنا التي يغدو وسرائره بها مأنوسة، واردا بحار عطايانا الزاخرة، ممتّعا بملابس رضانا الفاخرة، طيّب القلب منبسط الأمل، منشرح الصدر بما عمّه من الإنعام وشمل، مرعيّ الجناب في كل مكان، معظّم القدر على توالي الأزمان، مبتهجا بغمد ما عرض من ذلك التقطيب، مستبشرا بإقبالنا الذي يلذّ به عيشه ويطيب؛ والله تعالى يديم له عوارفنا المطلقة، وغمائم كرمنا المغدقة، ومواهبنا التي انتشرت له في كلّ قطر فهي لأنواع العطايا مستغرقة، ومنننا التي تسير معه حيثما سار وتقيم لديه أنّى أقام فلا تزال عنده مخيّمة في الأماكن المتفرّقة؛ والاعتماد على الخط الشريف أعلاه الله تعالى أعلاه.