خرجت الأوامر الصّلاحيّة بكتب هذا المنشور وتلاوة مودعه بحيث يستمرّ، ونسخه في الدّواوين بحيث يستقرّ؛ ومضمونه:
إنّ نظرنا لم يزل تتجلّى له الجلائل والدقائق، ويتوخّى من الحسنات ما تسير به الحقائب والحقائق، ويخلّد من الأخبار المشروعة، كلّ عذب الطرائق رائق، ويجدّد من الآثار المتبوعة، ما هو بثناء الخلائق لائق، ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة من الخير إلا جهدنا أن نكتسبها، ولا يثوّب بنا الداعي إلى مثوبة إلا رأينا أن نحتسبها، لا سيّما ما يكون للسنين الماضية ممضيا، وإلى القضايا العادلة مفضيا، ولمحاسن الشريعة مجلّيا، ولعوارض الشّبه رافعا، ولتناقض الخبر دافعا، ولأبواب المعاملات حافظا، ولأسباب المغالطات لافظا، وللخواطر من أمراض الشّكوك مصحّحا، وعن حقائق اليقين مفصحا، وللأسماع من طيف الاختلاف معفيا، ولغاية الإشكال من طرق الأفهام معفّيا.
ولما استهلّت سنة كذا الهلالية، وقد تباعد ما بينها وبين السنة الخراجية إلى أن صارت غلّاتها منسوبة إلى ما قبلها، وفي ذلك ما فيه: من أخذ الدّرهم المنقود، عن غير الوقت المفقود، وتسمية بيت المال ممطلا وقد أنجز، ووصف الحق المتلف بأنه دين وقد أعجز، وأكل رزق اليوم وتسميته منسوبا إلى أمسه، وإخراج المعتدّ لسنة هلاله إلى حساب المعتدّ إلى سنة شمسه.
وكان الله تعالى قد أجرى أمر هذه الأمّة على تاريخ منزّه عن اللّبس، موقّر عن الكبس، وصرّح كتابه العزيز بتحريمه، وذكر ما فيه من تأخير وقت النّسيء وتقديمه؛ والأمّة المحمدية لا ينبغي أن يدركها الكسر «١» ، كما أنّ الشمس لا ينبغي أن تدرك القمر، وسننها بين الحق والباطل فارقة، وسنتها أبدا سابقة، والسّنون