فلذلك رسم بالأمر الشريف- لا زال عدله سائرا في الأيّام والأنام، وفضله [سائدا]«١» بالرّفق الذي تغدو به العقول والعيون كأنها من الأمن في منام- أن يحوّل مغلّ سنة تسع وأربعين وسبعمائة بالديار المصرية المحروسة، لمغلّ سنة خمسين وسبعمائة، ويلغى اسم مغل السنة المذكورة، من الدّواوين المعمورة، ولا ينسب إليها مغلّ بل يكون مغلّ سنة خمسين وسبعمائة تاليا لمغل سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وتستقرّ السنة حينئذ هلاليّة خراجيّة بحكم دوران السنين، واستحقاق هذا التحويل من مدّة خمس عشرة سنة، حيث اتفاق مبدإ السنين الشمسية والقمريّة، ووقوع الإغفال عن هذا المبهم في الدول الماضية، لتكون هذه الدولة الشريفة قائمة بما قعد عنه من مضى من الدول، مقوّمة بعون الله لكل متأوّد من الزّيغ والخلل، لما في ذلك من المصالحة العامّة، والمنحة التامّة، والحقّ الواضح، والقصد الناجح، والمنهج القويم، والصّراط المستقيم، والاعتماد على الشهور القمريّة قال الله تعالى: وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ
«٢» فليعتمد حكم ما قرّرناه، وليمتثل أمر ما أمرناه، وليثبّت ذلك في الدّواوين، وليشهر نبؤه المبين، وليسقط ما تخلّل بين هاتين السنتين من المغلّ الذي لا حقيقة له، وليترك ما بينهما من التفاوت الذي لا تعرف الحسبانات معدّله، وليمح اسم هذه الأيام من الدفاتر، ولينس حكمها فإنها أولى بذلك في الزمن الآتي والغابر؛ فليس المغلّ سوى للعام الذي وجد فيه سببه، وظهر فيه حصوله وتعيّن طلبه، وأدرك في إبّانه، وجاء في زمانه، وأينع به ثمر غرسه، واستحقّ في وقته لا كما يلزم أن يكون اليوم في أمسه؛ وفي ذلك من الأسباب الباعثة على ما رسمنا به، والدّواعي اللازمة لذهابه، والبراهين القاطعة بقطعه، والدلائل الواضحة على دفعه، ما قدّمناه: من المصالح المعيّنة، والطّرق المبيّنة، وإزالة الأوهام، وتأكيد