للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصّليب، والقراع الذي ينادى به من مكان قريب، ونحن نقاتل العدوّين «١» :

الباطن والظاهر، ونصابر الضّدّين: المنافق والكافر، حتّى أتى الله بأمره، وأيّدنا بنصره، وخابت المطامع من المصريّين ومن الفرنج ومن ملك الرّوم ومن الجنويّين وأجناس الرّوم لأن أنفارهم تنافرت، ونصاراهم تناصرت، وأناجيل طواغيتهم رفعت، وصلب صلبوتهم أخرجت، وشرعنا في تلك الطوائف من الأجناد والسّودان والأرمن فأخرجناهم من القاهرة تارة بالأوامر المرهقة لهم، وبالذّنوب الفاضحة منهم، وبالسّيوف المجرّدة وبالنار المحرقة، حتّى بقي القصر ومن به من خدمه قد تفرّقت شيعه، وتمزّقت بدعه، وخفتت دعوته، وخفيت ضلالته؛ فهنالك تمّت لنا إقامة الكلمة والجهر بالخطبة والرفع للواء السّواد الأعظم، والجمع لكلمة السّواد الأعظم، وعاجل الله الطاغية الأكبر بفنائه، وبرّأنا من عهدة يمين كان حنثها أيسر من إثم إبقائه، إلا أنه عوجل لفرط روعته، ووافق هلاك شخصه هلاك دولته.

ولما خلا ذرعنا، ورحب وسعنا، نظرنا في الغزوات إلى بلاد الكفّار، فلم تخرج سنة إلا عن سنّة أقيمت فيها برّا وبحرا، ومركبا وظهرا، إلى أن أوسعناهم قتلا وأسرا، وملكنا رقابهم قهرا وقسرا، وفتحنا لهم معاقل ما خطر أهل الإسلام فيها منذ أخذت من أيديهم، وما أوجفت فيها خيلهم ولا ركابهم مذ ملكها أعاديهم؛ فمنها ما حكمت فيه يد الخراب، ومنها ما استولت عليه يد الاكتساب، ومنها قلعة بثغر أيلة «٢» كان العدوّ قد بناها في بحر الهند، وهو المسلوك منه إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>