قلت: وبالجملة فالتذاكر منوطة بحال المكتوب له التذكرة، والمكتوب بسببه؛ فيختلف الحال باختلاف الأسباب، ويؤتى لكل تذكرة بفصول تناسبها بحسب ما تدعو الحاجة إليه.
واعلم أنّ اللائق بالتذاكر الخارجة من ديوان الإنشاء أن تكون في الفصاحة والبلاغة على حدّ الرسائل، فيعلو شأن التّذكرة باعتبار اشتمالها على الفصاحة والبلاغة، وينحطّ بفواتهما؛ وانظر إلى تذكرة القاضي الفاضل المبتدإ بها؛ وما اشتملت عليه من الفصاحة والبلاغة، وأين هي من التذكرتين اللتين بعدها؛ فإنه قد أهمل فيهما مراعاة الفصاحة والبلاغة جملة، بل لم تراع في الأخيرة منهما قوانين النحو، إذ يكون يتكلّم بصيغة التثنية على سياق ما عقدت له التذكرة لاشتمالها على اثنين فإذا هو قد عدل إلى لفظ الجمع، ثم يعود إلى لفظ التثنية؛ هذا، وهي منسوبة إلى القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر، صاحب ديوان الإنشاء يومئذ، وهو من بيت الكتابة والبلاغة، إلا أنه قد يريد بعدوله من التثنية إلى الجمع أن ينتقل إلى خطاب جمع المتحدثين في القلعة فيما يتعلّق بذلك الفصل الذي يكون فيه، وإلا فلا يجوز صدور مثل ذلك عنه وتكراره المرّة بعد الأخرى.