الأجسام؛ فأيّ خير يولى- وإن عظم- يناهض استحقاقه؟ وأيّ غاية وإن جلّت تروم نيل مدى مسعاه ولحاقه؟؛ وأنّى لأعراض الدنيا أن تهدي لجوهره عرضا، ولا تبلغ مبالغ النعم الجلائل أن تعتدّ اليوم من مساعيه عوضا؟، وهل لأمير المؤمنين أعمال في مجازاته عن قيامه بغمد رأيه ومجرّد عضبه، ودفاعه عن حوزة عدّته وذبّه، وكرّه في مواقف كربه، وكفايته للأمة في سلمه وحربه، وإيالته التي خصّ الأرض منها فضل خصبه، إلا أن يذكره بقلبه عند ربّه، وأن يرفع الحجب عند كلّ سؤال كما يرفع الله عند دعائه مسدل حجبه؟.
وعرضت بحضرة أمير المؤمنين مطالعة منه عن خبر باسمه الكريم مقصور على الرّغبة في خروج الأمر بتمليك جهته التي تقوم عدّتها عدّة ألف، مستخرجا بها الخطّ الشريف بإمضاء التمليك وإجازته، وتسليم الملك وحيازته.
فتلقّى أمير المؤمنين هذه الرغبة بإفراز جرى فيه من الأوامر على أفضل سنن، وتقبّلها منه بقبول حسن، وتهللت عليه لسؤاله مصابيح الطّلاقة والبشر، ونفذت «١» مواقع توقيعه ما لا تبلغه مواقع ماء المزن في البلد القفر، وشمله خطّه الشريف بما نسخته: خرج أمره إليه بأن يوعز إلى ديوان الإنشاء بكتب هذا السّجلّ بتمليك الجهة المقدّم ذكرها بجميع حدودها وحقوقها، وظاهرها وباطنها، وأعاليها وأسافلها، وكلّ حقّ لها، داخل فيها وخارج عنها، وما هو معروف بها ومنسوب إليها، تمليكا مخلّدا، وإنعاما مؤبّدا، وحقّا مؤكّدا، يجري على الأصل والفرع، ويحكم أحكام الكرم والشّرع، ماضيا لا تتعقّب حدوده بفسخ، جائزا لا تتجاوز عقوده بنسخ، موصولة أسبابه فلا تتطرّق أسباب التغيير إليها، موروثا حتّى يرث الله الأرض ومن عليها.
فليعتمد كافّة ولاة الدّواوين، ومن يليهم من المتصرّفين، حمل الأمر على موجبه، والحذر من تعدّيه وتعقّبه، وامتثال ما رسمه أمير المؤمنين وحدّه،