ثم أنهينا ذلك إلى أمير المؤمنين الطائع لله، فأمر- زاد الله أمره علوّا- بإمضاء ذلك، على أن يكون هذا المال، وهو خمسة آلاف درهم مؤدّى في الوقت الذي تفتتح فيه المقاطعات: وهو أوّل يوم من المحرّم في كلّ سنة، على استقبال السنة الجارية، سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة الخراجية، عن الخراج في الغلّات الشّتويّة والصّيفية، والمحدثة والمبكّرة الجارية على المساحة، والحاصل من الغلّات الجارية على المقاسمة والجوالي، والمراعي، والأرحاء «١» ، وسائر أبواب المال، ووجوه الجبايات وتقسيط المصالح، والحماية، مع ما يلزم ذلك من التوابع كلّها: قليلها وكثيرها، والرسوم الثابتة في الدواوين بأسرها، وعن كلّ ما أحدث ويحدث بعدها على زيادة الارتفاع ونقصانه، وتصرّف جميع حالاته: مقاطعة مقرّرة مؤبّدة، ممضاة مخلّدة، على مرور الليالي والأيّام، وتعاقب السنين والأعوام، لك ولولدك، وعقبك من بعدك، ومن عسى أن تنتقل هذه الضياع إليه بميراث، أو بيع، أو هبة، أو تمليك، أو مناقلة، أو وقف، أو إجارة، أو مباذرة، أو مزارعة أو غير ذلك من جميع الوجوه التي تنتقل الأملاك عليها، وتجري بين الناس المعاملات فيها، لا يفسخ ذلك ولا يغيّر، ولا ينقض ولا يبدّل، ولا يزال عن سبيله، ولا يحال عن جهته، ولا يعترض عليك ولا على أحد من الناس فيه ولا في شيء منه، ولا يتأوّل عليك ولا على غيرك فيه، بزيادة عمارة، ولا زكاء ريع، ولا غلوّ سعر، ولا إصلاح شرب، ولا اعتمال خراب، ولا إحياء موات، ولا بغير ذلك من سائر أسباب وفور الارتفاع ودرور الاستغلال.
وحظر مولانا أمير المؤمنين الطائع لله، وحظرنا بحظره على كتّاب الدّواوين: أصولها وأزمّتها، وعمّال النواحي، والمشرفين عليها، وجميع المتصرّفين على اختلاف طبقاتهم ومنازلهم، الاعتراض عليك في هذه المقاطعة، أو إيقاع ثمن أو مساحة على ما كان منها جاريا على الخراج، أو تقرير