صدرك وصحّة عزيمتك، طائعا غير مكره، ومنقادا غير مجبر، مقرّا بفضلها، مذعنا بحقّها، معترفا ببركتها، ومعتدّا بحسن عائدتها، وعالما بما فيها وفي توكيدها من صلاح الكافّة، واجتماع الكلمة الخاصّة والعامّة، ولمّ الشّعث، وأمن العواقب، وسكون الدّهماء، وعزّ الأولياء، وقمع الأعداء- على أن فلانا عبد الله وخليفته، والمفترض عليك طاعته، والواجب على الأمة إقامته وولايته، اللّازم لهم القيام بحقّه، والوفاء بعهده، لا تشكّ فيه، ولا ترتاب به، ولا تداهن في أمره ولا تميل؛ وأنك وليّ وليّه، وعدوّ عدوّه: من خاصّ وعام، وقريب وبعيد، وحاضر وغائب، متمسك في بيعته بوفاء العهد، وذمّة العقد، سريرتك مثل علانيتك، وظاهرك فيه مثل باطنك، وباطنك فيه وفق ظاهرك؛ على أنّ إعطاءك الله هذه البيعة من نفسك، وتوكيدك إيّاها في عنقك، لفلان أمير المؤمنين عن سلامة من قلبك، واستقامة من عزمك، واستمرار من هواك ورأيك، على أن لا تتأوّل عليه فيها، ولا تسعى في نقض شيء منها، ولا تقعد عن نصرته في الرّخاء والشّدّة، ولا تدع النّصر له في كلّ حال راهنة وحادثة، حتّى تلقى الله تعالى موفيا بها، مؤدّيا للأمانة فيها، إذ كان الذين يبايعون ولاة الأمر وخلفاء الله في الأرض إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ.
عليك بهذه البيعة التي طوّقتها عنقك، وبسطت لها يدك، وأعطيت بها صفقتك؛ وما شرط فيها من وفاء وموالاة، ونصح ومشايعة، وطاعة وموافقة، واجتهاد ومبالغة- عهد الله إنّ عهد الله كان مسؤولا، وما أخذ الله على أنبيائه ورسله عليهم السلام؛ وأخذ على عباده من وكيدات مواثيقه، ومحكمات عهوده، وعلى أن تتمسّك بها ولا تبدّل، وتستقيم ولا تميل.
وإن نكثت هذه البيعة، أو بدّلت شرطا من شروطها، أو عفّيت رسما من رسومها، أو غيّرت حكما من أحكامها، معلنا أو مسرّا، أو محتالا أو متأوّلا، أو زغت عن السبيل التي يسلكها من لا يخفر الأمانة، ولا يستحلّ الغدر والخيانة، ولا يستجيز حلّ العقود- فكلّ ما تملكه من عين أو ورق أو آنية أو عقار أو زرع أو ضرع