الكوفة، يصحب ابن حوشب، فحظي عنده وبعثه إلى المغرب. ومن نسب أحدا من هذه الدعاة إلى ارتكاب محظور أو احتقاب إثم فقد ضلّ وخرج عن جادّة الصواب عندهم. ويرون تخطئة من مالأ على الإمام عبيد الله المهديّ: أوّل أئمتهم القائمين ببلاد الغرب على ما تقدّم، وارتكابه المحظور وضلاله عن طريق الحقّ؛ وكذلك من خذل الناس عن اتّباع القائم بأمر الله بن عبيد الله المهديّ، ثاني خلفائهم ببلاد المغرب، أو نقض الدولة على المعزّ لدين الله: أوّل خلفائهم بمصر؛ ويرون ذلك من أعظم العظائم، وأكبر الكبائر.
ومن أعيادهم العظيمة الخطر عندهم يوم غدير خمّ (بفتح الغين المعجمة وكسر الدال المهملة وسكون المثناة تحت وراء مهملة في الآخر، ثم خاء معجمة مضمومة بعدها ميم) : وهو غيضة بين مكّة والمدينة على ثلاثة أيام من الجحفة.
وسبب جعلهم له عيدا أنهم يذكرون أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نزل فيه ذات يوم فقال لعليّ رضي الله عنه:«اللهم من كنت مولاه فعليّ مولاه، أللهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحقّ معه حيث دار» على ما تقدّم نحوه في الكلام على يمين الإمامية.
وقد كان للخلفاء الفاطميّين بمصر بهذا العيد اهتمام عظيم، ويكتبون بالبشارة به إلى أعمالهم، كما يكتبون بالبشارة بعيد الفطر وعيد النّحر ونحوهما.
ويعتقدون في أئمّتهم أنهم يعلمون ما يكون من الأمور الحادثة.
وقد ذكر المؤرّخون عن عبيد الله المهديّ جدّ الخلفاء الفاطميّين بمصر أنه حين بنى المهديّة بمشارق أفريقية من بلاد المغرب طلع على سورها ورمى بسهم وقال: إلى حدّ هذه الرمية ينتهي صاحب الحمار؛ فخرج بالمغرب خارجيّ يعرف بأبي يزيد صاحب الحمار، وقصد المهديّة حتّى انتهى إلى حدّ تلك الرمية، فرجع ولم يصل المهديّة.
وكان الحاكم بأمر الله أحد خلفاء مصر من عقب المهديّ المذكور يدّعي