الدّين هذا على قلعة ألموت المذكورة، وخالف رأي أبيه المذكور إلى مذهب النّزاريّة، وصار رأسا من رؤوسهم؛ والتّبرّي منه عندهم من أشدّ الخطإ.
واعلم أنّ أصل هذه الفرقة كانت بالبحرين في المائة الثانية وما بعدها، ومنهم كانت القرامطة الذين خرجوا من البحرين حينئذ، نسبة إلى رجل منهم اسمه قرمط، خرج فيهم وادّعى النّبوّة وأنّه أنزل عليه كتاب؛ ثم ظهروا بالمشرق «بأصبهان» : في أيام السلطان ملكشاه السّلجوقيّ، واشتهروا هناك بالباطنية:
لأنهم يبطنون خلاف ما يظهرون «١» ، وبالملاحدة: لأن مذهبهم كلّه إلحاد؛ ثم صاروا إلى الشّام، ونزلوا فيما حول طرابلس، وأظهروا دعوتهم هناك، وإليهم تنسب قلاع الإسماعيلية المعروفة بقلاع الدّعوة، فيما حول طرابلس، كمصياف، والخوابي، والقدموس، وغيرها.
ولمّا افترقوا إلى مستعلويّة ونزاريّة كما تقدّم، أخذ من منهم ببلاد المشرق بمذهب النّزاريّة، عملا بدعوة ابن الصّباح المقدّم ذكره، وأخذ من منهم بالشّام بقلاع الإسماعيلية بمذهب المستعلويّة، وصاروا شيعة لمن بعد المستعلي من خلفاء الفاطميّين بمصر، واشتهروا باسم الفداويّة، ووثبوا على السّلطان صلاح الدّين يوسف بن أيّوب بالشام مرّات وهو راكب ليقتلوه فلم يتمكّنوا منه. ثم صالحهم بعد ذلك على قلاعهم بأعمال طرابلس في سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة؛ ثم انتموا إلى ملوك مصر في أيام الظاهر بيبرس، واشتهروا باسم الفداويّة لمفاداتهم بالمال على من يقتلونه.
وقد ذكر في «مسالك الأبصار» نقلا عن مقدّمهم: مبارك بن علوان: أن كلّ من ملك مصر كان مظهرا لهم. ولذلك يرون إتلاف نفوسهم في طاعته: لما ينتقلون إليه من النعيم الأكبر في زعمهم. ورأيت نحو ذلك في «أساس السّياسة» لابن ظافر «٢» ؛ وذكر أنّهم يرون أن ملوك مصر كالنوّاب لأئمّتهم: لقيامهم مقامهم.