وكان من أهل موالاة الحاكم أبي عليّ المنصور بن العزيز خليفة مصر. قال:
وكانوا أوّلا من الإسماعيليّة، ثم خرجوا عن كلّ ما تمحّلوه، وهدموا كلّ ما أثّلوه، وهم يقولون برجعة الحاكم، وأن الألوهية انتهت إليه وتديرت ناسوته، وهو يغيب ويظهر بهيئته ويقتل أعداءه قتل إبادة لا معاد بعده، بل ينكرون المعاد من حيث هو، ويقولون نحو قول الطبائعية: إن الطبائع هي المولّدة، والموت بفناء الحرارة الغريزية، كانطفاء السراج بفناء الزّيت إلا من اعتبط، ويقولون: دهر دائم، وعالم قائم؛ أرحام تدفع، وأرض تبلع؛ بعد أن ذكر أنهم يستبيحون فروج المحارم وسائر الفروج المحرّمة، وأنهم أشدّ كفرا ونفاقا من النّصيريّة الآتي ذكرهم، وأبعد من كلّ خير وأقرب إلى كلّ شرّ.
ثم قال: وأصل هذه الطائفة هم الذين زادوا في البسملة أيّام الحاكم، فكتبوا:«باسم الحاكم الله الرحمن الرحيم» ، فلما أنكر عليهم كتبوا:«باسم الله الحاكم الرحمن الرحيم» ، فجعلوا في الأوّل الله صفة للحاكم، وفي الثاني العكس. وذكر أن منهم أهل كسروان «١» ومن جاورهم. ثم قال: وكان شيخنا ابن تيمية رحمه الله تعالى يرى أنّ قتالهم وقتال النّصيريّة أولى من قتال الأرمن: لأنهم عدوّ في دار الإسلام وشرّ بقائهم أضرّ.
وقد رتّب على هذا المعتقد أيمانهم في «التعريف» فقال: وهؤلاء أيمانهم:
«إنّني والله وحقّ الحاكم، وما أعتقده في مولاي الحاكم، وما اعتقده أبو محمد الدّرزيّ الحجة الواضحة، ورآه الدّرزيّ مثل الشّمس اللّائحة، وإلا قلت:
إن مولاي الحاكم مات وبلي، وتفرّقت أوصاله وفني، واعتقدت تبديل الأرض والسماء، وعود الرّمم بعد الفناء، وتبعت كلّ جاهل، وحظرت على نفسي ما أبيح لي، وعملت بيدي على ما فيه فساد بدني، وكفرت بالبيعة المأخوذة، وألقيتها ورائي منبوذة» .