للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلام: إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ

«١» أي رجعنا وتضرّعنا. ومنتحلها اليهود المتمسّكون بشريعة موسى عليه السّلام. قال السلطان عماد الدّين صاحب حماة في تاريخه «٢» : وهم أعمّ من بني إسرائيل: لأن كثيرا من أجناس العرب والرّوم وغيرهم قد دخلوا في اليهوديّة وليسوا من بني إسرائيل. وكتابهم الذي يتمسّكون به «التّوراة» وهو الكتاب الذي أنزل على موسى عليه السّلام.

قال أبو جعفر النّحّاس، في «صناعة الكتّاب» : وهي «٣» مشتقّة من قولهم:

ورت ناري ووريت، وأوريتها إذا استخرجت ضوءها: لأنه قد استخرج بها أحكام شرعة موسى عليه السّلام، وكان النّحّاس بجنح إلى أن لفظ التّوراة عربيّ؛ والذي يظهر أنه عبرانيّ معرّب «٤» : لأن لغة موسى عليه السّلام كانت العبرانية، فناسب أن تكون من لغته التي يفهمها قومه، قال الشّهرستانيّ في «النّحل والملل» : وهي أوّل منزل على بني إسرائيل سمّي كتابا، إذ ما قبلها من المنزّل إنما كان مواعظ ونحوها. قال صاحب حماة: وليس فيها ذكر القيامة ولا الدّار الآخرة ولا بعث ولا جنّة ولا نار، وكلّ وعيد يقع فيها إنما هو بمجازاة دنيويّة، فيوعدون على مجازاة الطّاعة بالنّصر على الأعداء، وطول العمر، وسعة الرّزق ونحو ذلك؛ ويوعدون على الكفر والمعصية بالموت ومنع القطر والحميّات والحرب، وأن ينزل عليهم بدل المطر الغبار والظّلمة ونحو ذلك، يشهد لما قاله قوله تعالى: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ

«٥» ، الآية، فجعل الظّلم سببا للتحريم. قال: وليس فيها أيضا ذمّ الدنيا، ولا طلب الزّهد فيها، ولا وظيفة صلوات معلومة، بل في التوراة الموجودة بأيديهم الآن نسبة أمور إلى الأنبياء عليهم السلام من الأسباط وغيرهم لا تحلّ حكايتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>