الزمان نبيّنا محمد صلّى الله عليه وسلم؛ بل ربّما وقعت البشارة بهما جميعا في موضع واحد، كما في قوله: إن الله تعالى جاء من طور سيناء وظهر «١» من ساعير وعلن بفاران.
وساعير هي جبال بيت المقدس حيث مظهر المسيح عليه السّلام، وفاران جبال مكّة حيث ظهر النبيّ صلّى الله عليه وسلم.
قال الشّهرستانيّ: ولما كانت الأسرار الإلهيّة، والأنوار الرّبانيّة، في الوحي والتنزيل، [والمناجاة والتّأويل]«٢» على ثلاث مراتب: مبدإ ووسط وكمال، وكان المجيء أشبه شيء بالمبدإ، والظهور أشبه بالوسط، والعلن أشبه بالكمال، عبّر في التوراة عن ظهور صبح الشريعة [والتّنزيل]«٣» بالمجيء [على طور سيناء]«٤» ، وعن طلوع شمسها بالظهور [على ساعير]«٥» ، وعن بلوغ درجة الكمال [والاستواء]«٦» ، بالعلن [على فاران] »
؛ وقد عرفوا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بوصفه في التّوراة حقّ المعرفة: فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ
«٨» وقد ذكر المفسّرون عن ابن عبّاس رضي الله عنه أن موسى عليه السلام لما ألقى الألواح عند رجوعه إلى قومه، تكسّرت فلم يبق منها إلا سدسها.
ويروى أن التّوراة كانت سبعين وسق بعير.. «٩» وأنها رفع منها ستّة أسباعها وبقي السّبع؛ ففي الذي بقي الهدى والرحمة، وفي الذي رفع تفصيل كلّ شيء.
وليعلم أنّ اليهود قد افترقوا على طوائف كثيرة، المشهور منها طائفتان: