عليهم ببلاد بابل، ويعبدون النّار، ويرون أنّ الأفلاك فاعلة بنفسها، ويستبيحون فروج المحارم من البنات والأمّهات، ويرون جواز الجمع بين الأختين إلى غير ذلك من عقائدهم.
ويعظّمون النّيروز: وهو أوّل يوم من سنتهم وعيدهم الأكبر. وأوّل من رتّبه جمشيد أخو طهمورث. ويعظّمون أيضا المهرجان: وهو عيد مشهور من أعيادهم.
ويسخطون [على] بيوراسب؛ وهو رابع ملوكهم: وهو الضحاك، يقال له بالفارسية: الدهاش، ومعناه عشر آفات. وكان ظلوما غشوما، سار فيهم بالجور والعسف، وبسط يده بالقتل، وسنّ العشور والمكوس واتّخذ المغنّين والملاهي، وكان على كتفه سلعتان مستورتان بثيابه يحرّكهما إذا شاء، فكان يدّعي أنهما حيّتان، تهويلا على ضعفاء العقول، ويزعم أن ما يأخذه من الرّعية يطعمه لهما ليكفّهما عن الناس، وأنهما لا يشبعان إلا بأدمغة بني آدم؛ فكان يقتل في كلّ يوم عددا كثيرا من الخلق بهذه الحجة. ويقال: إن إبراهيم الخليل عليه السّلام كان في آخر أيامه.
وكان من شأنه أنه لما كثر جوره وظلمه على الناس، ظهر بأصبهان رجل اسمه كابي، ويقال: كابيان من سفلة الناس، قيل حدّاد، كان الضّحّاك قد قتل له ابنين فأخذ كابي المذكور درفسا، وهو الحربة، وعلّق بأعلاها قطعة نطع كان يتّقي بها النّار، ونادى في الناس بمحاربة الضّحّاك، فأجابه خلق كثير، واستفحل أمره، وقصد الضّحاك بمن معه، فهرب الضّحاك منه، فسأله الناس أن يتملّك عليهم فامتنع لكونه من غير بيت الملك، وأشار بتولية إفريدون من عقب جمشيد المقدّم ذكره، فولّوه، فتبع الضّحاك فقبض عليه وقتله، وسار فيهم بسيرة العدل وردّ ما اغتصبه الضحّاك إلى أهله، فصار لكابي المذكور عندهم المقام الأعلى، وعظّموا درفسه الذي علق به تلك القطعة من النّطع، وكللوه بالجواهر، ورصّعوه باليواقيت، ولم يزل عند ملوكهم يستفتحون به في الحروب العظيمة حتّى كان