للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه الحكمة في الطريق وهو راكب. وطائفة تعرف بالرّواقيين: وهم الذين كان يجلس لتعليمهم بالرّواق. والطائفة الثالثة فلاسفة الإسلام: وهم حكماء العجم «١» أما قبل الإسلام فإنه لم ينقل عن العجم مقالة في الفلسفة، بل حكمهم كلّها كانت مستفادة من النّبوّات: إما من الملّة القديمة، وإما من غيرها من الملل.

ومعتقدهم أن الله تعالى واجب الوجود لذاته، وأنه ليس بجوهر ولا عرض، وأن ما سواه صادر عنه على ترتيب، وأنه تعالى واحد فرد، ليس له شريك ولا نظير، باق أبديّ سرمديّ، وأنه الذي أوجد الأشياء وكوّنها، ويعبّرون عنه بعلّة العلل، وأنه قادر، يفعل إن شاء ولا يفعل إن لم يشأ، فاعل بالذات ليس له صفة زائدة على ذاته، مريد، له إرادة وعناية لا تزيد على ذاته، وأنه أوّل لا بداية له، آخر لا نهاية له، وأنه يستحيل أن يتغيّر، منزّه عن أن يكون حادثا أو عرضا للحوادث، حيّ متّصف بصفات البقاء السّر مديّة، وأنه حكيم بمعنى أنه جامع لكلّ كمال وجلال، وأنه خالق الأفلاك بقدرته، ومدبّرها بحكمته، ويقولون: إن الأرض ثابتة لا تتحرّك، والماء محيط بها من سائر جهاتها على ما اقتضته الحكمة الإلهية، وكشف بعض أعلاها لسكنى الخلق فيه، فهي كبطّيخة ملقاة في بركة ماء، ويحيط بالماء الهواء، ويحيط بالهواء النّار، ويحيط بالنار فلك القمر وهو الأوّل، ويحيط بفلك القمر فلك عطارد وهو الثاني، ويحيط بفلك عطارد فلك الزّهرة وهو الثالث، ويحيط بفلك الزّهرة فلك الشّمس وهو الرابع، ويحيط بفلك الشّمس فلك المرّيخ وهو الخامس، ويحيط بفلك المرّيخ فلك المشتري وهو السادس، ويحيط بفلك المشتري فلك زحل وهو السابع، ويحيط بفلك زحل فلك الكواكب وهو الثامن، وهو الذي فيه الكواكب الثابتة بأسرها، وهي ما عدا الكواكب السّبعة التي في الأفلاك السّبعة المقدّم ذكرها: من البروج الاثني عشر ومنازل القمر الثمانية والعشرين وغيرها. ويحيط بالكواكب الفلك الأطلس وهو الفلك التاسع؛ والأفلاك التسعة دائرة بما فيها من المشرق إلى المغرب، بحيث تقطع في اليوم والليلة دورة

<<  <  ج: ص:  >  >>