للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربما استطال بحسب طول الدّخان فيسمّى كوكبا منقضّا. وإن كان الدّخان كثيفا واشتعل بالنار ولكنه لم يستحل على القرب، بل بقي زمانا، رؤي كأنّه كوكب ذو ذنب. وإن بقي شيء من الدخان في تضاعيف الغيم وبرد، صار ريحا في وسط الغيم فيتحرّك فيه بشدّة فيحصل منه صوت وهو الرّعد، فإن قويت حركته اشتعل من حرارة الحركة الهواء والدّخان فصار نارا مضيئة وهو البرق. وإن كان المشتعل كثيفا ثقيلا محرقا، اندفع بمصادفة الغيم إلى جهة الأرض وهي الصاعقة: صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ

«١» ويقرّون أن الله تعالى مكوّن الأكوان، ومنمّي المعادن والنّبات والحيوان.

فأما المعادن- فهي التي تتكوّن فيها جواهر الأرض: من الذّهب والفضّة وغيرهما. وذلك أن البخار والدّخان في الأرض فإنها [إن] «٢» تجتمع وتمتزج، فإن غلب الدخان كان الحاصل منه مثل النّوشادر «٣» والكبريت. وربّما تغلّب البخار في بعضه فيصير كالماء الصّافي المنعقد المتحجّر، فيكون منه الياقوت والبلّور ونحوه ممّا لا يتطرّق تحت المطارق. وإن استحكم امتزاج الدخان منه بالبخار وقلّت الحرارة المحققة في جواهرها، انعقد منه الذّهب والفضّة والنّحاس والرّصاص ونحوها مما يتطرّق بالمطرقة.

وأما النبات- فإنهم يقولون: إن العناصر قد يقع بها امتزاج واختلاط أتمّ من امتزاج البخار والدّخان المقدّم ذكره، وأحسن وأقرب إلى الاعتدال، فيحصل من ذلك النّموّ الذي لا يكون في الجمادات.

وينشأ عن ذلك ثلاثة أمور:

أحدها- التّغذية بقوّة مغذّية: وهي قوّة محيلة للغذاء تنخلع عنها صورتها

<<  <  ج: ص:  >  >>