عالمة بالمعقولات المجرّدة والمعاني الكلّية بالقوّة، ثم تصير بعد ذلك عالمة بالفعل.
ثم إن سعدت بالاستعداد للقبول، انقطعت حاجتها عن النّظر إلى البدن ومقتضى الحواسّ؛ إلا أن البدن لا يزال يجاذبها ويشغلها ويمنعها من تمام الاتصال بالعلويّات؛ فإذا انحطّ عنها شغل البدن بالموت ارتفع عنها الحجاب، وزال المانع، ودام الاتصال، وكمل حالها بعد فراق البدن، والتذّت به لذّة لا يدرك الوصف كنهها. وإن كانت النفس محجوبة عن هذه السعادة فقد شقيت.
وعندهم أنه إنّما تحجب باتّباع الشهوات، وقصر الهمة على مقتضى الطّبع، وبإقامته في هذا العالم الخسيس الفاني، فترسخ في نفسه تلك العادة ويتأكّد شوقه إليها، فتفوت بالموت آلة درك ذلك الشّوق ويبقى التشوّق وهو الألم العظيم الذي لا حدّ له، وذلك مانع من الوصال والاتصال. وهذه النفس ناقصة بفقد العلم، ملطّخة باتباع الشّهوات، بخلاف النّفس السابقة.
ويقولون: إن الهيولى قابلة لتركيب الأجسام، ويخالفون أهل الطبيعة في قولهم: بإنكار المعاد وفناء الأرواح، فيذهبون إلى أنّ الأرواح باقية وأن المعاد حقّ.
ويرون أن التّحسين والتقبيح راجعان إلى العقل دون الشّرع، كما هو مذهب المعتزلة وغيرهم.
ويقولون: إن الإله تعالى فاعل بالذات ليس له صفة زائدة على ذاته، عالم بذاته وبسائر أنواع الموجودات وأجناسها، لا يعزب عن علمه شيء، وإنه يعلم الممكنات الحادثة.
ويقولون بإثبات النبوّات لأن العالم لا ينتظم إلا بقانون متبوع بين كافّة [الناس]«١» يحكمون به بالعدل، وإلّا تقاتلوا وهلك العالم، إذ النبيّ هو خليفة الله في أرضه، بواسطته تنتهي إلى الخلق الهداية إلى مصالح الدّنيا والآخرة، من