للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سربهم، ونهنّيء بها شربهم، ويطمئنّ بها خاطرهم، وترفرف عليهم كالسّحاب لا ينالهم إلا ماطرهم.

فليحضروا واثقين بالله تعالى وبرسوله صلّى الله عليه وسلّم، وبهذا الأمان الشريف. وقد تلطّفنا بهم ليزدادوا وثوقا، ولا يجد سوء الظّنّ بعد ذلك إلى قلوبهم طريقا. وسبيل كلّ واقف عليه إكرامهم في حال حضروهم، وإجراؤهم على أكمل ما عهدوه من أمورهم؛ وليكن لهم ولكلّ من يحضر معهم وما يحضر أوفر نصيب من الإكرام، والقبول والاحترام، وتبليغ قصارى القصد ونهاية المرام، والصّفح والرّضا، والعفو عما مضى؛ وليتمسّكوا بعروة هذا الأمان المؤكّد الأسباب، الفاتح إلى الخيرات كلّ باب، وليثقوا بعروته الوثقى، فإنّه من تمسّك بها لا يضلّ ولا يشقى، وليشرحوا بالصّفح عما مضى صدرا، ولا يخشوا ضيما ولا ضرّا، ولا يعرض كلّ منهم على نفسه شيئا مما جنى واقترف، فقد عفا الله عما سلف.

ونحن نعرّفهم أن هذا أماننا بعد صبرنا عليهم نيّفا وأربعين يوما مع قدرتنا على دوس ديارهم وتخريبها، واستئصال شأفتهم، ولكنّا منعنا من ذلك الكتاب العزيز والسنة الشريفة، فإنّنا مستمسكون بهما، وخوفنا من الله تعالى ومن نبيّه سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم واليوم الآخر يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ

«١» وهم يغالطون أنفسهم ويظنون أن تأخيرنا عنهم عن عجز منّا.

فليتلقّوا هذا الأمان الشريف بقلبهم وقالبهم، وليرجعوا إلى الله تعالى، وليصونوا دماءهم وأموالهم وأولادهم، وحرمهم وديارهم، فقد رأوا ما حلّ بهم من نكثهم وبغيهم. قال الله عزّ وجلّ: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً

«٢» ، وقال عزّ من قائل: وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا

«٣» في معرض المدح لمن وفي بعهده، وقال جلّ وعلا:

<<  <  ج: ص:  >  >>