الفلانيّ- أعلاه الله تعالى وشرّفه، وغفر به لكلّ مذنب ما أسلفه- أن يكتب له هذا الكتاب بما عفي له عنه وحفر له ودفن، وأصبح بعمله غير مرتهن، ودفن له فيه دفن العرب، وقطع في التّذكّر له أرب كلّ [ذي]«١» أرب، ودرس في القبور الدّوارس، وغيّب مكانه فيما طمر في اللّيالي الدّوامس.
وسبيل كلّ واقف على هذا الكتاب- وهو الحجّة على من وقف عليه، أو بلغه خبره، أو سمعه أو وضح له أثره- أن يتناسى هذه الوقائع، ويتّخذها فيما تضمّنته الأرض من الودائع، ولا يذكر منها إلا ما اقتضاه حملنا الذي يؤمن معه التّلف، وعفونا الذي شمل وعفا الله عمّا سلف.
قال في «التثقيف» : ولم أكن رأيت شيئا من هذا ولا وجدته مسطورا إلا في كتابة «التعريف» . قال: والذي أعتقده أنه لم يكتب به قطّ، وإنما الرجل بسعة فضله وفضيلته، أراد أن يرتّب هذه النّسخة لاحتمال أن يؤمر بكتابة شيء من هذا المعنى، فلا يهتدي الكاتب إلى ما يكتبه. ثم قال: على أنه كرّر فيها ذكر السلطان مرّتين، والثالثة قال: رسم بالأمر الشريف، فهي على غير نحو من النّظام المعهود والمصطلح المعروف، بحكم أن فيها أيضا توسّعا كثيرا في العبارة والألفاظ التي تؤدّي كلّها معنى واحدا. قال: وكان الأولى بنا اختصار ذلك وعدم كتابته، لكنّنا أرادنا التنبيه على ما أشار إليه، ليكون هذا الكتاب مستوعبا لجميع ما ذكر، ممّا يستعمل ومما لا يستعمل.
قلت: ما قاله في «التثقيف» كلام ساقط صادر عن غير تحقيق؛ فإنّه لا يلزم من عدم اطّلاعه على شيء كتب في هذا المعنى ولا سطّر فيه أن لا يكون مسطورا لأحد في الجملة. وماذا عسى يبلغ اطّلاع المطّلع فضلا عن غيره؟ وإن كان صاحب «التعريف» هو الذي ابتكر ذلك، كما أشار إليه في «التثقيف» فنعمت السّجيّة الاتية بمثل ذلك مما لم يسبق إليه. وأما إنكاره تكرير ذكر السلطان فيها،