للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ

«١» ، وتبرّأ سبحانه ممن اتّخذ الكفّار أولياء من دون المؤمنين فقال: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ

«٢» فمن ضروب الطاعات إهانتهم في الدّنيا قبل الآخرة التي هم إليها صائرون، ومن حقوق الله الواجبة أخذ جزية رؤوسهم التي يعطونها عن يد وهم صاغرون، ومن الأحكام الدّينية أن يعمّ جميع الأمّة إلا من لا تجب عليه باستخراجها، وأن يعتمد في ذلك سلوك سبيل السّنّة المحمّدية ومنهاجها، وأن لا يسامح بها أحد منهم ولو كان في قومه عظيما، وأن لا يقبل إرساله بها ولو كان فيهم زعيما، وأن لا يحيل بها على أحد من المسلمين، ولا يوكّل في إخراجها عنه أحدا من الموحّدين، بل تؤخذ منه على وجه الذّلّة والصّغار، إعزاز للإسلام وأهله وإذلالا لطائفة الكفّار، وأن تستوفى من جميعهم حقّ الاستيفاء؛ وأهل خيبر وغيرهم في ذلك على السّواء.

وأمّا ما ادّعاه الجبابرة من وضع الجزية عنهم بعهد من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإنّ ذلك زور وبهتان، وكذب ظاهر يعرفه أهل العلم والإيمان، لفّقه القوم البهت وزوّروه، ووضعوه من تلقاء أنفسهم ونمّقوه، وظنّوا أن ذلك يخفى على الناقدين، أو يروج على علماء المسلمين؛ ويأبى الله إلّا أن يكشف محال المبطلين، وإفك المفترين؛ وقد تظاهرت السنن وصحّ الخبر بأن خيبر فتحت عنوة، وأوجف عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمسلمون على إجلائهم عنها كما أجلى إخوانهم من أهل الكتاب؛ فلمّا ذكروا أنهم أعرف بسقي نخلها ومصالح أرضها، أقرّهم فيها كالأجراء وجعل لهم نصف الارتفاع، وكان ذلك شرطا مبينا، وقال: «نقرّكم فيها ما شئنا» ؛ فأقرّ بذلك الجبابرة صاغرين، وأقاموا على هذا الشّرط في الأرض عاملين؛ ولم يكن للقوم من الذّمام والحرمة، ما يوجب إسقاط الجزية عنهم دون من عداهم

<<  <  ج: ص:  >  >>