ورسمنا أن لا يخدم نصرانيّ ولا سامريّ ولا يهوديّ في دولتنا الشريفة، ثبّت الله قواعدها، ولا في دواوين الممالك المحروسة والأعمال، ولا عند أحد من أمرائنا أعزّهم الله تعالى، ولا يباشر أحد منهم وكالة ولا أمانة، ولا ما فيه تأمّر على المسلمين، بحيث لا يكون لهم كلمة يستعلون بها على أحد من المسلمين في أمر من الأمور؛ فقد حرّم الله ذلك نصّا وتأويلا، وضمّن حكمه في الحال والاستقبال قرآنا وتنزيلا، فقال تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا
«١» ، وأوضح في اجتنابهم للمتّقين علم اليقين، فقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
«٢» وقد نهى الله موالاتهم وأضاف بسخطه كلّ خزي إليهم، فقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
«٣» وقد أذلّهم الله جلّ وعزّ لافترائهم واجترائهم من كتابه العزيز في مواضع عدّة، فقال تعالى: وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ
«٤» ، فوجب أن لا يكونوا على الأعمال أمنة، ولا للأموال خزنة: لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اليهود والنصارى خونة» . وقال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه:
«لا تستعملوا اليهود والنّصارى فإنّهم أهل رشا في دينهم ولا تحلّ الرّشا» ؛ فباعتزالهم واختزالهم يؤمن من مكرهم وخيانتهم ما يختشى.
ولما قدم عليه أبو موسى الأشعريّ من البصرة وكان عامله بها، دخل عليه المسجد، واستأذن لكاتبه وكان نصرانيّا، فقال له أمير المؤمنين عمر:- ولّيت ذمّيّا على المسلمين، أما سمعت قول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا