هدونا إذا سكن، ومنه قولهم:«هدنة على دخن» . أي سكون على غلّ «١» ، أو تكون قد سميت بذلك لما يوجد من تأخير الحرب بسببها.
ويرادفها ألفاظ أخرى:
أحدها- الموادعة، ومعناها المصالحة أيضا، أخذا من قولهم: عليك بالمودوع: يريدون بالسّكينة والوقار، فتكون راجعة إلى معنى السّكون.
وإما أخذا من توديع الثّوب ونحوه: وهو جعله في صوان يصونه، لأنه بها تحصل الصيّانة عن القتال. وإما أخذا من الدّعة: وهي الخفض والهناء، لأن بسببها تحصل الراحة من تعب الحرب وكلفه.
الثاني- المسالمة ومعناها ظاهر: لأن بوقوعها يسلم كلّ من أهل الجانبين من الآخر.
الثالث- المقاضاة، ومعناها [المحاكمة مفاعلة من القضاء بمعنى الفصل والحكم]«٢» .
الرابع- المواصفة، سمّيت بذلك لأن الكاتب يصف ما وقع عليه الصّلح من الجانبين. على أن الكتّاب يخصّون لفظ المواصفة بما إذا كانت المهادنة من الجانبين، ولا شكّ أن ذلك جار في لفظ الموادعة والمسالمة والمقاضاة أيضا: لأن المفاعلة لا تكون إلا بين اثنين إلا في ألفاظ قليلة محفوظة، على ما هو مقرّر في علم العربية.
أما لفظ الهدنة فإنّه يصدق أن يكون من جانب واحد، بأن يعقد الأعلى الهدنة لمن هو دونه. على أنها عند التّحقيق ترجع إلى معنى المفاعلة، إذ لا تتصوّر إلا من آثنين.