الحديبية، على ما تقدّم ذكره في الكلام على أصل مشروعيّتها.
وهذه نسخة هدنة كتب بها عن سلطان قويّ، لملك مضعوف، باشتراط مال يقوم به المضعوف للقويّ في كلّ سنة أو حصون يسلّمها له أو نحو ذلك؛ وهي:
هذا ما هادن عليه، وأجّل إليه، مولانا السلطان فلان- خلّد الله سلطانه وشرّف به زمانه- الملك فلانا الفلانيّ: هادنه حين تردّدت إليه رسله، وتوالت عليه كتبه، وأمّله، ليمهله، وسأله، ليكفّ عنه أسله، حين أبت صفاحه أن تصفح، وسماء عجاجه بالدّماء إلا أن تسفح؛ فرأى- سدّد الله آراءه- أن الصّلح أصلح، وأن معاملة الله أربح، وهادن هذا الملك (ويسميه) على نفسه وأهله، وولده ونسله، وجميع بلاده، وكلّ طارفه وتلاده، وماله من ملك ومال، وجهات وأعمال، وعسكر وجنود، وجموع وحشود، ورعايا في مملكته من المقيم والطّاريء، والسّائر بها والساري- هدنة مدّتها أوّل تاريخ هذه الساعة الراهنة وما يتلوها، مدّة كذا وكذا من سنين وأشهر وساعات، يحمل فيها هذا الملك فلان إلى بيت مال المسلمين، وإلى تحت يد مولانا السلطان فلان قسيم أمير المؤمنين، في هذه المدّة كذا وكذا- يقوم به هذا الملك من ماله، ومما يتكفّل بجبايته من جزية أهل بلاده وخراج أعماله، على أقساط كذا وكذا- قياما لا يحوج معه إلى تكلّف مطالبة، ولا إلى تناوله بيد مغالبة.
على أن يكفّ مولانا السلطان عنه بأس بأسائه، وخيله المطلّة عليه في صباحه ومسائه، ويضمّ عن بلاده أطراف جنوده وعساكره وأتباعهم، ويؤمّنه من بطائهم وسراعهم، ويمنع عن بلاد هذا الملك المتاخمة لبلاده، والمزاحمة لدوافق أمداده، ويردّ عنها وعمّن جاورها من بقيّة ما في مملكته، وهي كذا وكذا أيدي النّهب، ويكفّ الغارات ويمنع الأذى، ويردّ من نزح من رعايا هذا الملك إليه، ما لم يدخل في دين الإسلام ويشهد الشّهادتين،