بتسليمها إليه، مع من بها من طبقات أهلها أجمعين، المختارين لسكناها والاستقرار فيها، بحرمهم وأولادهم وأسبابهم ومواشيهم وأصناف أموالهم وغلّاتهم وأزوادهم وسلاحهم وآلاتهم، ليكون جميعها حاصلا في أيدينا وأيدي المسلمين، على غابر الأيام والسّنين، من غير أن تلتمس عنها أو عن شيء منها مالا، ولا بدلا، ولا عوضا من الأعواض كلّها.
وعلى أنك تمضي ما عقدته على نفسك من ذلك كلّه بابا بابا، وتفي به أوّلا أوّلا، منذ وقت وصولك إلى أوائل أعمالك، وإلى غاية استيلائك عليها، ونفاذ أمرك فيها، ولا ترجع عن ذلك ولا عن بعضه، ولا تؤخّر شيئا من الوقت الذي تقدر فيه عليه، ولا ترخّص لنفسك في تجاوز له ولا عدول عنه.
ومتى سعت طائفة من الطّوائف التي تنسب إلى الروم والأرمن وغيرهم في أمر يخالف شرائط هذا الكتاب، كان عليك منعهم من ذلك إن كانوا من أهل الطاعة والقبول منك، أو مجاهدتهم وممانعتهم إن كانوا من أهل العنود عنك، والخلاف عليهم حتّى تصرفهم عما يرومونه، وتحول بينهم وبين ما يحاولونه، بمشيئة الله وإذنه، وتوفيقه وعونه.
واشترطت علينا بعد الذي شرطته لنا من ذلك التّخلية عن طريقك وطريق من تضمّنته جملتك، واشتملت عليه رفقتك: من طبقات الأصحاب والأتباع، في جميع أعمالنا حتّى تنفذ عنها إلى ما وراءها، غير معوّق، ولا معتقل، ولا مؤذى، ولا معارض، ولا مطالب بمؤونة ولا كلفة، ولا ممنوع من ابتياع زاد ولا آلة، ولا نؤثر عليك أحدا ناوأك في أعمالك، ونازعك سلطان بلادك، ودافعك عنه وناصبك العداوة فيه: ممّن ينتسب إلى الرّوم والأرمن والخزرية وسائر الأمم المضادّة لك، ولا نوقّع معه صلحا عليك، ولا موافقة على ما يعود بثلمك أو قدح في أمرك، ولا نقبل سؤال سائل، ولا بذل باذل، ولا رسالة مراسل فيما خالف شرائط هذا الكتاب أو عاد بإعلاله، أو إعلال وثيقة من وثائقه.