أوجب على نفسه التّمسّك به والمقام عليه متى قام وردس بن بينير فيما هو موسوم به من ملك الرّوم، وجعل جميع الشرائط الثابتة في هذا الكتاب المعقود بعضها ببعض أمانة في ذمّته، وطوقا في عنقه، وعهدا يسأل عنه، وحقّا يطالب في الدّنيا والآخرة به؛ وصار هذا العقد جامعا لهم ولنا، ولأولادنا وأولادهم، وعقبنا وعقبهم، ما عشنا وعاشوا، يلزمنا وإيّاهم الوفاء بما فيه علينا وعليهم، ولنا ولهم، على مرور اللّيالي والأيام، واختلاف الأدوار والأعوام.
أمضى وأنفذ صمصام الدّولة وشمس الملّة أبو كاليجار ذلك كلّه على شرائطه وحدوده، والتزمه وردس بن بينير المعروف بسفلاروس ملك الرّوم، وأخوه قسطنطين، وابنه أرمانوس بن وردس بن بينير، وضمنوا الوفاء به، وأشهدوا كلّ واحد منهم على نفوسهم بالرّضا به، طائعين غير مكرهين ولا مجبرين، ولا علّة بهم من مرض ولا غيره، بعد أن قرأه عليهم، وفسّره لهم وخاطبهم باللغة الرّومية من وثق به، وفهموا عنه، وفقهوا معنى لفظه، وأحاطوا علما ومعرفة به، بعد أن ملكوا نفوسهم، وتصرّفوا على اختيارهم، وتمكّنوا من إيثارهم، ورأوا أن في ذلك حظّا لهم، وصلاحا لشأنهم، وذلك في شعبان سنة ست وسبعين وثلاثمائة.
وقد كتب هذا الكتاب على ثلاث نسخ متساويات، خلّدت اثنتان منها بدواوين مدينة السّلام، وسلمت الثالثة إلى وردس بن بينير ملك الرّوم وأخيه وابنه المذكورين معه فيه.
وهذه نسخة هدنة من ملك مضعوف لملك قويّ، كتب بها الفقيه أبو عبد الله بن ... «١» ... أحد كتّاب الأندلس، عن بعض ملوك الأندلس من المسلمين، من أتباع «المهديّ بن تومرت» القائم بدعوة الموحّدين، مع «دون