حرس الله جميعها- سلما محافظا عليها من الجهتين، محفوظا عهدها عند أهل الملّتين، لا غدر فيها، ولا إخلال في معنى من معانيها، ولا تشنّ في مدنها غارة، ولا تذعر سيّارة؛ ومهما وقع إغوار، أو حدث إقدار، على جهة المجاهرة، إذا اتّصلت والمساترة؛ فإن كان من جهة النصارى، فعلى ملك قشتالة تسريح الأسارى، وردّ الغنائم والنّهب، والإنصاف من الغنيمة إن عدمت العين، وأعوز الطّلب، وعلينا مثل ذلك سواء، ليقابل بالوفاء؛ هذا بعد أن يتّبع الأمر ويعلم من أين كان.
ومن هذه المهادنة أن لا يتسبّب إلى الحصون بالغدر ولا بالشّرّ، ولا يتجاوز النصارى حدود بلادهم وأرضهم بشيء من البناء، ولا يصل من بلد قشتالة مدد لمخالفنا، ولا معونة لمفاتننا. وكل ما يرجع إلى هذه الدّعوة، ويدخل في الطّاعة من البلاد بعد هذا العقد فداخل في السّلم، بزيادة نسبته من المال الذي هو شرط في صحّة هذا الحكم، وإذا بقي من مدّة هذه المسالمة شهران اثنان، فعلى ملك قشتالة أن يعلمنا بغرضه في المهادنة أو سواها، إعلاما من مذاهب الوفاء أوفاها.
وقد التزم رسول المذكور لنا هذه الشّروط، وأحكم معنا- نيابة عنه فيها- العقود والرّبوط، على كلّ ما ذكرناه. والتزمنا في هذا السلم لملك قشتالة المذكورة- مكافأة عن وفاء عهده، وصحّة عقده- مائة ألف دينار واحدة، وأربعين ألف دينار في كلّ عام من عامي هذا الصّلح المقدّم الوصف، مقسّما ذلك على ثلاثة أنجم في العام، ليتقاضاها ثقاته، ويوفّى عينها على التمام والكمال، قبض منها كذا ليوصّلها إلى مرسله، والتزم له تخليص باقي كذا عند انقضاء كذا على أوفى وجه وأكمله؛ فإن وفّي له بذلك بعد الأربعين