هذا الكتاب، الذي هو من عام أحد وعشرين وستّمائة بتاريخ الهجرة- مسالمة تضع بها الحرب بين الجانبين أوزارها، وتمهّد للهدنة بين الطائفتين آثارها، وترفع (اللبنة)«١» عمن ذكر من الملّتين أذيّتها وأضرارها، البرّ والبحر في ذلك سيّان، والمساترة فيها بالأذى والمجاهرة ممنوعان، وحقيقة اللّازم من ذلك غنيّ ببيانه ووضوحه عن الإيضاح والتّبيان؛ لا التباس ولا إشكال، ولا غائلة ولا احتيال؛ ليس إلّا الأمن الكافل لكافّة من تشتمل عليه كافّة المواضع المذكورة من المسلمين، ومن تحويه بلاد ملك أرغون من الطّوائف أجمعين. وكلّ منتم إلى خدمة هذه المملكة الأرغونيّة بما كان من وجوه الانتماء، أو ناظر في جزء منها كائنا ما كان من الأجزاء، فهو في هذا الحكم داخل، وتحت هذا الرّبط الصّلحيّ واصل، ولا حجّة لمن كان له منهم حصن ينفرد به عن هذه المملكة، على ما لهم في ذلك من العوائد المتعارفة.
فإن نقض بجزء منه وذهب إلى أن يكون في حصنه منفردا فهو وما اختار، إذا تنكّب الإضرار؛ فإن رام التّطرّق بشيء إلى أحد الجانبين كان على المسلمين وعلى أهل أرغون التظافر على استنزاله، والتظاهر على قتاله، حتّى يكفّوا ضرره، ويعفّوا أثره.
والحدود الفاصلة بين الجزأين هي أوساط المسافات، على ما عرف من متقدّم المسالمات، ويد كلّ فريق منهم مطلقة فيما وراء حدّه بما شاء، من انتشاء برسم الإصلاح والإنشاء؛ وكلّ من قصد المسلمين من رجال المملكة الأرغونيّة بريئا من تبعة الفساد فقبول قصده مباح، وليس في استخدامه والإحسان إليه جناح؛ والطريق للتّجّار المعهود وصولهم من بلاد أرغون إلى بلنسية في البرّ والبحر مباحة الانتياب، محفوفة بالأمنة التامّة في الجيئة والذّهاب؛ على تجّار البحر منهم أن يتجنّبوا ركوب الأجفان «٢» الحربيّة التي