إني لكاتب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم الحديبية، فكتبت: محمد رسول الله، فقالوا:
لست برسول الله، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فأمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمحوه، فقلت: لا أستطيع أفعل! فقال إذن أرنيه فأريته فمحاه بيده، وقال:«إنّك ستدعى إلى مثلها فتجيب» .
وهذه نسخة كتاب القضيّة بين أمير المؤمنين عليّ وبين معاوية، فيما رواه أبو عبد الله الحسين بن نصر بن مزاحم المنقريّ، في «كتاب صفّين والحكمين» بسنده إلى محمد بن عليّ الشّعبيّ؛ وهو «١» : [بسم الله الرحمن الرحيم] .
هذا ما تقاضى عليه عليّ بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان وشيعتهما، فيما تراضيا من الحكم بكتاب الله وسنّة نبيّه محمد صلّى الله عليه وسلّم، قضيّة عليّ على أهل العراق ومن كان من شيعته من شاهد أو غائب، وقضيّة معاوية على أهل الشّام ومن كان من شيعته من شاهد أو غائب، إنا رضينا أن ننزل عند حكم كتاب الله بيننا حكما فيما اختلفنا فيه من فاتحته إلى خاتمته، نحيي ما أحيا، ونميت ما أمات. على ذلك تقاضينا، وبه تراضينا. وإنّ عليّا وشيعته رضوا أن يبعثوا عبد الله بن قيس «٢» ناظرا ومحاكما، ورضي معاوية وشيعته أن يبعثوا عمرو بن العاص ناظرا ومحاكما، على أنهم أخذوا عليهما عهد الله وميثاقه، وأعظم ما أخذ الله على أحد من خلقه، ليتّخذان الكتاب إماما فيما بعثاله، لا يعدوانه إلى غيره في الحكم بما وجدا فيه مسطورا، وما لم يجداه