بجميع ما اشترط لي هارون أمير المؤمنين عليه في نفسي، وما أعطاني أمير المؤمنين هارون من جميع الأشياء المسمّاة في الكتاب الذي كتبه له، [وعليّ]«١» عهد الله تعالى وميثاقه، وذمّة أمير المؤمنين، وذمّتي، وذمّة آبائي، وذمم المؤمنين، وأشدّ ما أخذ الله عزّ وجلّ على النبيّين والمرسلين من خلقه أجمعين من عهوده ومواثيقه، والأيمان المؤكّدة التي أمر الله عزّ وجلّ بالوفاء بها [ونهى عن نقضها وتبديلها]«٢» ؛ فإن أنا نقضت شيئا مما اشترطت وسمّيت في كتابي هذا له، أو غيّرت، أو بدّلت، أو نكثت، أو غدرت- فبرئت من الله عزّ وجلّ ومن ولايته ومن دينه، ومن محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولقيت الله سبحانه وتعالى يوم القيامة كافرا مشركا، وكلّ امرأة لي اليوم أو أتزوّجها إلى ثلاثين سنة طالق ثلاثا البتّة [طلاق]«٣» الحرج، وكلّ مملوك لي اليوم أو أملكه إلى ثلاثين سنة أحرار لوجه الله تعالى، وعليّ المشي إلى بيت الله الحرام الذي بمكّة ثلاثين حجّة، نذرا واجبا عليّ وفي عنقي، حافيا راجلا، لا يقبل الله منّي إلا الوفاء به، وكلّ مال هو لي اليوم أو أملكه إلى ثلاثين سنة هدي بالغ الكعبة، وكل ما جعلت لعبد الله هارون أمير المؤمنين أو شرطت في كتابي هذا لازم لي، لا أضمر غيره ولا أنوي سواه.
شهد فلان وفلان، بأسماء الشهود المقدّم ذكرهم في كتاب الأمين المبتدإ بذكره.
قال الأزرقيّ: ولم يزل هذان الشرطان معلقين في جوف الكعبة حتّى مات هارون الرّشيد؛ وبعد ما مات بسنتين، في خلافة الأمين [كلّم]«٤» الفضل بن الربيع محمد بن عبد الله الحجبيّ في إتيانه بهما، فنزعهما من الكعبة وذهب بهما إلى بغداد، فأخذهما الفضل فخرّقهما وحرّقهما بالنّار.
قلت: وعلى نحو من ذلك كتب أبو إسحاق الصّابي مواصفة بالصّلح بين شرف الدّولة وزين الملّة أبي الفوارس، وصمصام الدّولة وشمس