فما استتم كلامه حتى أقبل: فإذا نحن به قد طلع مهرولا، وأقبل مستعجلا، فرأيت رجلا أجلح، أهتم أفلح، أفلح أردح، طويلا عنطنط، يحكي ذئبا أمعط، أجمع أحبط «١» ، فتلقّوه معظّمين، وله مفخّمين، فقصد في المجلس صدره، وأسند إلى المخدّة ظهره؛ فما استقرّ به المكان، حتى قيل له: هذا فلان؛ فقبض من أنفه، ونظر إليّ بشطر من طرفه، وقال ببعض فيه؛ هلمّوا ما كنتم فيه، تعسا للشّوهاء وجالبيها، والقرعاء وحالبيها:
جاء زيد مجرّرا رسنه ... فحل لا يمنعه سننه «٢»(؟)
أحبّه قومه على شوق ... إن القرنبى في عين أمّها حسنة «٣»
! كان لنا شيخ بالأنبار، كثير الأخبار، قد بلغ من العمر أملاه، ومن السّنّ أعلاه، قرأت عليه جميع الكتاب، وعلم الأنساب، و «مسائل ابن السّرّاج» ، و «ديوان ابن العجّاج» ، و «كتاب الإصلاح» ، و «مشروح الإيضاح» ، وشعر الطّرمّاح، و «العين» للفرهودي، و «الجمهرة» للأزدي؛ وأكثر من المصنّفات، المجهولات والمعروفات؛ ينفخ في شقاشقه، ويزبد في بقابقه،