الطيور، ولذلك سائر الطيور مبغضة له وتسطو عليه؛ فما كان منها يأكل اللحم أكله، وما كان منها لا يأكل اللحم قتله؛ وهو شديد الطّيران، سريع التقلب؛ يقتات البعوض والذباب وبعض الفواكه. وهو موصوف بطول العمر حتّى يقال: إنه أطول عمرا من النّسر؛ وتلد الأنثى ما بين ثلاثة أفراخ وسبعة، وكثيرا ما يسفد وهو طائر في الهواء. وهو يحمل ولده معه إذا طار تحت جناحه، وربما قبض عليه بفيه حنوّا عليه، وربما أرضعت الأنثى ولدها وهي طائرة. وفي طباعه أنه متى أصابه ورق الدلب خدر ولم يطر. وقد ورد النهي عن قتله.
فإذا عرف الكاتب أحوال الطير وخواصّها، تصرف فيها بحسب ما يحتاج إليه في نظمه ونثره، كما في قول الشاعر:
وإذا السعادة لا حظتك عيونها ... نم، فالمخاوف كلّهنّ أمان
واصطد بها العنقاء فهي حبائل ... واقتد بها الجوزاء فهي عنان
إشارة إلى عظم العنقاء وعدم القدرة على مقاومتها؛ ومع ذلك تنقاد بالسعد. وكما في قول أبي الفتح كشاجم «١» ، مخاطبا لولده يطلب البرّ منه:
اتّخذ فيّ خلّة في الكراكي ... أتّخذ فيك خلّة الوطواط
أنا إن لم تبرّني في عناء ... فببرّي ترجو جواز السراط
يشير إلى ما تقدّم من أنّ في طبع الكركي برّ والديه إذا كبرا، كما أن في طبع الوطواط برّ أولاده بحيث يحملها معه إلى حيث توجه؛ وكما في قول الشاعر:
مثل النهار يزيد إبصار الورى ... نورا ويعمي أعين الخفّاش
إشارة إلى أن الخفّاش لا يبصر نهارا، بخلاف سائر أرباب الأبصار؛ وكما قيل في وصف شارد عن القتال: