الإنسان بما ركّب فيه من الدلائل الخلقيّة؛ أستخرج من أسارير الجبهة وغضون الكفّ أمورا قد أرشدت الحكمة الإلهيّة إليها، وجعلت تلك العلامة في الإنسان دلالة عليها.
فقال «علم الكتف» : إنه ليس في الاستدلال على الشّيء بلازمه أمر مستغرب، ولا ما يقال فيه: هذا من ذاك أعجب، وإنما الشّأن أن يقع الاستدلال على الشّيء بما هو أجنبيّ منه، وخارج عنه، كما أستدل أنا بالخطوط الموجودة في كتف الذّبيحة على الحوادث الغريبة، والأسرار العجيبة، مما أجرى الله به العادة في ذلك، وجعله علامة دالة على ما هنالك.
فقال «علم خطّ الرّمل» : لقد علمت أنك لست بمحقّق لما أنت له متوسّم، ولا واثق بالإصابة فيما أنت عنه تترجم؛ وغايتك الوقوف مع التجارب، والرّجوع فيما تحاوله إلى التقارب، مع ما أنت عليه من الرّفض والإهمال، وما رميت به من القطيعة وقلّة الاستعمال؛ أما أنا ففارس هذا الميدان، ومالك زمام هذا الشان؛ فكم من ضمير أبرزته، وأمر خفيّ أظهرته، ومكان عيّنته فوافق، وأمد قدّرته فطابق؛ على أنه ليس لك أصل ترجع إليه، ولا دليل تعتمد عليه؛ فأنا أثبت منك قواعد، وأوضح عند الاعتبار في الدلالة على المقاصد؛ فإن عدوت طورك، أو جزت في الاحتجاج خصمك، فمداك، أنه كان نبيّ يخطّ فمن وافق خطّه فذاك.
فقال «علم تعبير الرّؤيا»«١» : إنّك وإن أظهرت السّرائر، وأبرزت الضمائر، فإنّ أمرك موقوف في حدسك على الدّلالة الحاليّة، ومقصور في تخمينك على الأمور الاحتمالية؛ أين أنت منّي حين أعبّر عما شاهدته النفس في النّوم من عالم الغيب؟ وكيف أكشف عنه الحجب بالتّأويل فيقع كفلق