وسيمها، شريف النّفس كريمها، آخذ بالفضائل من جميع جهاتها، مستوف للممادح بسائر صفاتها؛ فطائري ميمون، وغولي مأمون، وعطائي غير ممنون؛ أصل وتقطع، وأعطي وتمنع، وتفرّق وأجمع؛ وإنّ ازدراءك بي من الكبر المنهيّ عنه، وغضّك عنّي من العجب المستعاذ منه؛ ومن حقّر شيئا قتله، ومن استهان بفاضل فضله؛ وإنّي وإن صغر جرمي فإني لكبير الفعال، وإن نحف بدني فإني لشديد البأس عند النّزال؛ وإن عري جسمي فكم كسوت عاريا، وإن جرى دمعي فكم أرويت ظاميا، وإن ضاق ذرعي فإني بسعة المجال مشهور، وإن قصر باعي فكم أطلقت أسيرا وأنا في سجن الدّواة مأسور؛ إذا امتطيت طرسي، وتدرّعت نقسي، وتقلدت خمسي، وجاشت على الأعداء نفسي:-
رأيت جليلا شأنه وهو مرهف ... ضنّى وسمينا خطبه وهو ناحل!
أنسيت إذ أنت في المعدن تراب تداس بالأقدام؟ وتنسفك الرّياح وتزري بك الأيام؟ ثم صرت إلى القين «١» تقعد لك السّنادين بالمراصد، وتدمغك المقامع وتسطو بك المبارد؛ ثم لولا صقالك لأذهبك الجرب وأكلك الصّدى، مع قلّة صبرك على المطر والنّدى.
فقال السّيف: إنّا لله! لقد استأسدت الثّعالب، واستنسرت البغاث فعدّ العصفور نفسه من طير الواجب «٢» ، وجاء الغراب إلى البازيّ يهدّده، ورجع ابن آوى على الأسد يشرّده؛ فلو عرفت قدر نفسك، ولزمت في السّكينة طريق أبناء جنسك، ووقفت عند ما حدّ لك، وذكرت عجزك وكسلك، لكان أجدر بك، وأحمد لعاقبتك، وأليق بأدبك.
إن الملوك لتعدّني لمهمّاتها، وتستنجد بي في ملمّاتها، وتتعالى في