الشهير، وأبو عذرتها حقّا من غير نكر وابن بجدتها السّاقطة منه على الخبير، ومعقلها الأمنع وحرزها الحصين، وعقدها الأنفس وجوهرها الثّمين، وتلادها العليم بأحوالها، والجدير بمعرفة أقوالها وأفعالها، وترجمانها المتكلّم بلسانها، وعالمها المتفنّن في أفنانها، وطبيبها العارف بطبّها، ومنجدها الكاشف لكربها.
هذا: وإنّه لمالك أمرنا، ورافع قدرنا، والصّائل منا بالحدّين، والجامع منا بين الضّدّين؛ فلو لقيه «فارس عبس» لولّى عابسا، أو طرق حمى «كليب» لبات من حماه آيسا، أو قارعه «ربيعة بن مكدّم»«١» لعلا بالسّيف مفرقه، أو نازله «بسطام»«٢» لبدّد جمعه وفرّقه؛ كما أنه لو قرن خطّه بنفيس الجوهر لعلاه قيمة، أو قاسمه «ابن مقلة» في الكتابة لما رضي أن يكون قسيمه، أو فاخره «ابن هلال» لرأى انه سبقه إلى كلّ كريمة.
وبالجملة فعزّه الظاهر وفضله الأكمل، وسماكه الرّامح وسماك غيره الأعزل؛ فلا يسمح الزمان أن يأتي له بنظير، ولا أراد مدّع بلوغ شأوه إلا قيل: اتّئد فلقد حاولت الانتهاض بجناح كسير:
فالحمد لله الذي جمعنا بأكرم محلّ وأفضل، وأحسن مقام وأجمل؛ فهلمّ إليه يعقد بيننا عقد الصّلح، ونبايعه على ملازمة الخدمة والنّصح.
ثم لم يلبثا أن كتبا بينهما كتابا بالصّلح والمصافاة، وتعاهدا على الودّ والموافاة، وأعلن بعقد الصّلح مناديهما، وحدا بذكر التّعاضد والتّناصر حاديهما، وراح ينشد: