أن تكون مجازاة على مدحهم، فأين الكرام وفضلهم، والمنصفون وعدلهم؟، أو ظنّا أنّي عرّضت بهم فيمن عرّضت، فأين ذكاء الألبّاء وأين عقلهم؟ وهل تظنّ السّماء أن يدا تصل إليها، والنّجوم أن خلقا تحكم عليها؟
والذّهب محروس لا يصدا جرمه، والجوهر معروف لا يجهل حكمه؛ ومن الذي تحدّثه نفسه أن يجحد الشّمس فضلها الطّائل، أو يحسّن له عقله أن يقول: سحبان وائل كباقل «١» ؟؛ [فقلت]«٢» أدركني ذلك اليوم ولمّا أمزّق، وأنجدني بكلّ لفظة هي أمضى من السّهم وأرشق، وأضوء من النّجم وأشرق؛ وما أعرف كيف صبري على هذا الحرب في صورة السّلم؟ وما أظنّه أراد إلا أن يعلّم قلبي الذي في يده الحكم، كما علمه للقلم؛ وحيث قضى الحديث ما قضى، ومضى الوقت وما كان إلا سيفا في عرض العبد مضى:
فكرّت تبتغيه فصادفته ... على دمه ومصرعه السّباعا
فأنا أنشد الله تعالى هؤلاء السادة الغائبين، أو القوم العاتبين، هل يعرفون أنّ الذي عرّضت به منهم قوم قد استولى عليهم العيّ بجريضه «٣» ، ونزل فيهم الجهاد بقضّه وقضيضه، وأصبح بابهم لهم كبستان بلا ثمار، وديوانهم على رأي أبي العلاء كديوان أبي مهيار؛ لا يحسن أحدهم في الكتابة غير العمامة المدرّجة، والعذبة المعوّجة، والعباءة الضّيّقة والأثواب المفرّجة، ويتناول السلم باليمين وكتابه إن شاء الله تعالى بالشمال، ومشى هذا على هذا ولكن على الضّلال؛ لو سئل أحدهم عن «البديع» في الكتابة لم يعرف من السؤال غير التّرديد، وعن «عبد الحميد» لزاد في الفكر ونقص:
وعبد الحميد عبد الحميد، و «الصّاحب» لقال: إنه تبرقع بمجلسي، و