للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها لفاتوا الحصر وخرجوا عن الحدّ. وهذا الوزير المهلبيّ «١» ؛ كان في أوّل أمره في شدّة عظيمة من الفقر والضائقة، وكان قد سافر مرة ولقي في سفره ضيقة حتّى اشتهى اللحم ولم يقدر عليه، فقال ارتجالا:

ألا موت يباع فأشتريه! ... فهذا العيش ما لا خير فيه!

ألا موت لذيذ الطّعم يأتي ... يخلّصني من الموت الكريه!

ألا رحم المهيمن نفس حرّ ... تصدّق بالوفاة على أخيه!

وكان معه رفيق له فاشترى لحما وأطعمه. ثم ترقّى بالكتابة حتّى وزّر لمعزّ الدولة بن بويه الديلمي في جلالة قدره. وهذا القاضي الفاضل «٢» أصله من بيسان من غير بيت الوزارة، رفعته الكتابة حتّى وزّر للسلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، وعلت رتبته عند، حتى بلغ من رتبته لديه أن كان يكتب في كتب السلطان صلاح الدين عن نفسه بما أحب، فكتب مرة: السلام على الملك العزيز ابن السلطان صلاح الدين في كتاب عن أبيه؛ ثم كتب شعرا منه:

وغريبة قد جئت فيها أوّلا ... ومن اقتفاها كان بعدي الثاني

فرسولي السّلطان في إرسالها ... والناس رسلهم إلى السّلطان

وأبلغ من ذلك كله أبو إسحاق الصابي صاحب الرسائل المشهورة؛ كان على دين الصابئة مشدّدا في دينه، وبلغت به الكتابة إلى أن تولى ديوان الرسائل عن الطائع والمطيع وعز الدولة بن بويه، وجهد فيه عز الدولة أن

<<  <  ج: ص:  >  >>