الرّياضة- أطال الله بقاء الجناب الفلانيّ، وجعل حبّه كقلب «١» عدوّه واجبا، وسعده كوصف عبده للمسارّ جالبا، وللمضارّ حاجبا- تبعث النفس على مجانبة الدّعة والسّكون، وتصونها عن مشابهة الحمائم في الرّكون إلى الوكون، وتحضّها على أخذ حظّها من كلّ فنّ حسن، وتحثّها على إضافة الأدوات الكاملة إلى فصاحة اللّسن، وتأخذ بها طورا في الجدّ وطورا في اللّعب، وتصرفها من ملاذّ السّموّ في المشاقّ التي يستروح إليها التّعب؛ فتارة تحمل الأكابر والعظماء في طلب الصّيد على مواصلة السّرى، ومقاطعة الكرى، ومهاجرة الأوطار، ومهاجمة الأخطار، ومكابدة الهواجر، ومبادرة الأوابد التي لا تدرك حتى تبلغ القلوب الحناجر؛ وذلك من محاسن أوصافهم التي يذمّ المعرض عنها، وإذا كان المقصود من ميلهم جدّ الحرب فهذه صورة لعب يخرج إليها منها. وتارة يدعوهم «٢» إلى البروز إلى الملق، ويحدوهم «٣» في سلوك طريقها مع من هو دونهم على ملازمة الصّدق ومجانبة الملق، فيعتسفون إليها الدّجى، إذا سجى، ويقتحمون في بلوغها حرق «٤» النّهار، إذا انهار، ويتنعّمون بوعثاء السّفر، في بلوغ الظّفر، ويستصغرون ركوب الخطر، في إدراك الوطر، ويؤثرون السّهر على النّوم، واللّيلة على اليوم، والبندق على السّهام، والوحدة على الالتئام.
ولمّا عدنا من الصّيد الذي اتّصل به «٥» حديثه، وشرح له قديم أمره وحديثه، تقنا إلى أن نشفع صيد السوانح، برمي الصّوادح، وأن نفعل في الطّير الجوانح، بأهلّة القسيّ ما تفعل الجوارح، تفضيلا لملازمة الارتحال، على الإقامة في الرّحال، وأخذا بقولهم: