للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد، فإنّ أولى ما أطال فيه المطيل، وشحذ في وصفه الذّهن الكليل، ورقمت محاسن ذكره على صفحة النّهار بذائب ذهب الأصيل- ما تواصلت به الأنساب، وتوصّل بواسطته في دراريّ الذّراري إلى شرف الأحساب، وتوفّرت عليه الدّواعي فاشتدّت به الأواصر، وحسنت في طريق قصده المساعي فتأكّدت به المودّة في البواطن والظواهر، وهو النّكاح الذي ندب الله تعالى إلى معاطاته، وحضّ على التّحلّي بحليه حتى ألحقه بالعبادة في بعض حالاته، طلبا للتّحصين الكافل بسلوك نهج الاستقامة، ورغبة في تكثير النّسل الواقع [به] مكاثرة الأمم يوم القيامة.

هذا وكرائم بيت الخلافة، وربائب محتد المجد والإنافة، في حيّز لو طلب مناو مكافأتها لطلب معوزا، أو رام مقاوم مضاهاتها في علوّ الرّتبة لرام معجزا، لما اختصّت به من السّيادة التي لا يرقى إلى منزلتها، والمعالي التي لا تسمو النّفوس وإن شمخت إلى رتبتها، إذ كان النّظير لشرف أرومتها ممتنعا، والنّقيض بما ثبت من طيب جرثومتها مرتفعا؛ فبرق معاليها في التّطاول لا يشام، وجوهر فخارها في المآثر لا يسامى ولا يسام؛ فعزّ بذلك في الوجود مكافيها، وامتنع- خوف الهجوم بالاختطاب- موافيها؛ إلا أن المواقف الشريفة المقدّسة المتوكّلة- زاد الله تعالى في شرفها، وأدام رعايتها بحلّة الملوك وحمايتها وكنفها- مع ما انفردت به من العزّ الشّامخ الذي لا يساوى، والشّرف الباذخ الذي لا يناوى، قد رغب تفضّلها في أهل الفضل فمال إليهم، واختصّ باقباله أهل الدّين فأقبل بكلّيته عليهم، محلّا لهم من شريف مقامه العليّ محلّ الاصطفاء، ومقدّما لهم في المصاهرة على أبناء الملوك والخلفاء، فوافق في الفضل «شنّ طبقة» ، وحاول سارّة النّعم منها خير خاطب فتلقّى بقبول: إنّ الله تصدّق عليكم بصدقة، فعند ذلك ابتدر القلم منبر الطّرس فخطب، وخطب بالمحامد لسانه اللّسن فكتب:

هذا ما أصدق العبد الفقير إلى الله تعالى، الجناب العاليّ، الأميريّ، الكبيريّ، الشّيخيّ، الإماميّ، العالميّ، العامليّ، العابديّ، الخاشعيّ، النّاسكيّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>