واعتمد الرّواة في صحّة الأخبار على أصولها وتعلقت الحكّام في قبول الشهادة بأحضانها، إذ هي الملكة الحاملة على ملازمة التّقوى، والحفيظة المانعة من الوقوع في هوّة البدع المتمسّك بسببها الأقوى، والحكمة الثّانية عن الجماح إلى ارتكاب الكبائر، والعنان الصّارف عن الجنوح إلى الإصرار على الصغائر، والزّمام القائد إلى صلاح أعمال الظواهر وسلامة عقائد الضّمائر.
ولما كان مجلس القاضي الأجلّ، الفقيه، الفاضل، المشتغل، المحصّل، الأصيل، نجم الدّين، سليل العلماء، أبو الفتح محمد بن فلان القلقشنديّ الفزاريّ، الشّافعيّ، خليفة الحكم العزيز بالقاهرة المحروسة والده، والحاكم بالعمل الفلانيّ وما معهما: أيّد الله تعالى أحكامه، وأقرّ عينه بولده- هو الذي ولد على فراش الدّيانة، وظهرت عليه في الطّفولية آثارها، ونشأ في أحياء الصّيانة، فرويت عنه بالسّند الصحيح أخبارها، وارتضع ثدي العلم حين بزوغ نجمه، وغذيه مع لبان أمّه فامتزج بدمه ولحمه وعظمه، وأعلن منادي نشأته بجميل الذّكر فأغنى فيه عن الاستخبار، ولاحت عليه لوائح النّجابة فقضى له بالكمال قبل أن يبلغ قمر عمره زمن الإبدار: فلم يرد منهل التكليف إلا وقد تزيّن من محاسن الفضائل بأكمل زين، ولم يبلغ مبلغ العلم حتّى صار لوالده- ولله الحمد- قرّة عين- رفعت قصّة مخبرة عن حاله فيها من مضمون السؤال طلب الإذن الكريم بسماع بيّنة المذكور، وكتابة إسجال بعدالته، فشملها الخطّ الكريم العاليّ، المولويّ، القاضويّ، الإماميّ، العالميّ، العامليّ، العلّاميّ، الشّيخيّ، المحدّثيّ، الحافظيّ، الحبريّ، المجتهديّ، المحقّقيّ، المدقّقيّ، الوحيديّ، الفريديّ، الحجّيّ، الحججيّ، الخطيبيّ، البليغيّ، الحاكميّ، الجلاليّ، الكنانيّ، البلقينيّ، الشافعيّ، شيخ الإسلام، الناظر في الأحكام الشرعية بالديار المصرية، والممالك الشريفة الإسلامية: أدام الله تعالى أيّامه، وأعزّ أحكامه، وأحسن إليه، وأسبغ نعمه في الدّارين عليه- لسيّدنا العبد الفقير