الحمد لله جامع الناس ليوم لا ريب فيه إنه لا يخلف الميعاد، وناصر الدّين المحمّديّ بنبيّنا صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله الكرام الأمجاد، ومشرّف هذه الأمّة بالأئمّة والجمعة والجماعات من أهل الرّشاد، وجاعل من ارتضاه من أرباب سنّة نبيّه المختار من عباده العبّاد، وميسّر القربات إليه لأهل السّداد، ومريد الأعمال الصالحات ممّن أخلصه بالطاعات ومزيد الإرفاد، ومفضّل الأوقاف على أفضل وجوه البرّ من جعله للخير أهلا بالنّفع المتعدّي وكثرة الأمداد، ومعظّم الأجر لمن بنى بيتا لله بنيّة خليّة من الرّياء والعناد؛ وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«من بنى مسجدا لله ولو كمفحص «١» قطاة بنى الله تعالى له به قصرا في الجنّة» ونرجو من كرم الله الازدياد.
أحمده على موادّ نعمه التي جلّت عن التّعداد، وأشكره شكرا وافيا وافرا نجعله ذخيرة ليوم التّناد، وأستمدّ من اللّطف لوازم الفضل الخفيّ وهو الكريم الجواد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنّ محمدا عبده ورسوله الخاتم الحائم على حوضه الورّاد، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه ما أصغي إلى الذّكر وأجيب كلّ داع من حاضر أو باد.
وبعد، فلمّا كانت المثوبات مضمونة الأجر عند الكريم، والأعمال متعدّدة في التّقديم، وكان بنيان المساجد وافرا أجرا، لمن أقام بواجب تبيان الظّنّ الجميل وسدّد إلى الخيرات سيرا؛ وقد قال تعالى:«أنا عند حسن ظنّ عبدي بي فليظنّ بي خيرا»«٢» ، ورأى العقلاء أنّ الأوقاف على المساجد والجوامع من أنفس قواعد الدّين وأعلى- فلذلك قيل في هذا الإسجال المبارك:
هذا ما وقفه وحبّسه، وسبّله وأبّده فلان. وقف وحبّس رغبة في مزيد الثّواب، ورجاء في تهوّن تهويل يوم الحساب، واغتناما للأجر الجزيل من